السؤال والموافقة على ما فرضه الأنبياء من جهة الله تعالى من السنن والمناسك والطاعات المكتوبة في الملل ، واخبار أن ذلك لكائن. فقال تعالى (١) : (لَنَسْئَلَنَّهُمْ). يقول : سنفعل ذلك ولنوبخنهم (٢).
وأما ما يكون وجوده في الآخرة فهو ما يكون من جهة العقول الإبداعية والانبعاثية بما يسري من روح القدس في الأنفس الحاصلة من حضانة التعليم بظهور النفس الزكية صاحب الدور السابع في العالم الطبيعي من استكمال أسباب السعادات له طبيعيا وملكوتيا ، قياما بحكم العلم بكل صورة بما لها وعليها.
وفي الجملة فالغاية في الثواب المطلوب ما وصفه الله تعالى في كتابه في جنات ونهر ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر. وكل شيء فعلوه في الزبر. يعني (٣) أن المتقين في جنات ونهر ، يقول هذا هو الحال فيما تكتسبه من خير وشر عند مليك مقتدر ، يقول : عند الملك الجبار الذي به وجدت الموجودات حول العرش العظيم في تسبيح وتهليل والتذاذ فيما يحدث في ذواتهم عند ما يدركونه ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت.
وأما الجنة فهي موصوفة بالسرمد ، والأبد ووجود الملاذ فيها أجمع ، وأنها لا تستحيل ولا تتغير ، ولا يطرأ عليها حال ، ولا تتبدل ، والذي بهذه الصفة هو النهاية الأولة من الموجودات عن المتعالي سبحانه عن الصفات والموصوفات إبداعا خارج الصفحة العليا من السموات ، المعرب عنها بسدرة المنتهى الذي هو المبدع الأول الذي هو المحرك الأول ، الموصوف بالأزل وعلة العلل ، والمنبعث الأول ، وجميع الملائكة المقربين الانبعاثية ، وإليه يتحرك كل متحرك ويشتاق إليه كل موجوداتها (٤) له وأسماؤها كثيرة بحسب مراتبها حول العرش ، لأنها دار القدس ، إلّا أن جنة المأوى التي
__________________
(١) فقال تعالى : سقطت في ط.
(٢) ولنوبخنهم : لتوبخنهم في ط.
(٣) يعني : ومعنا في ط.
(٤) موجوداتها : موجود أمثاله في ج.