بأنوارها القدسانية ، وفعلت فيها ، فيتم الخلق الجديد كما فعلت في السموات وأثرت (١) فيها.
وكان قوله تعالى ذلك موجبا أن الجنّة للنفس ، هي السعادة المستمدة (٢) من دار القدس من جهة المؤيدين فيها ، فهي دون الملك المقرب منزلة ، إلى قوله : وليست هذه الأنفس الصالحة والطالحة من وقت مفارقتها أشخاصها ، تلحق بمجردها ، وأفرادها من الجنة والنار ، بل هي على ما ذكرنا ربّ العالمين ، (كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٣). أي (٤) في البرزخ الذي هو مجمع ما وراءهم ، والبرزخ نهاية بين الجنّة والنار ، وهو أعلى المواضع من عالم الطبيعة ، فلكونه كذلك يسمى الاعراف ، فهي في الاعراف واقفة إلى أن تتكامل الأدوار ، ويتم فعل أنجم الدين في الأنفس الصائرة إلى الوجود على ممر الأعصار في عالم الطبيعة إلى آخر اليوم الموعود به ، عالمة في ذاتها بأنّها من أهل الفوز والنجاة ؛ إلى قوله : فرجال الأعراف أهل البرزخ وغيرهم من الحدود الذين بعد لم يدخلوا الجنة.
وهذا الفصل يوضح أن البرزخ نهاية بين الجنة والنار ، وهو أعلى المواضع من عالم الطبيعة بأنهم آباء (٥) الأنبياء والأوصياء والأئمة الصائرون في المجمع الأعلى الذي هو متولي عالم الطبيعة. فهذا القسم الأول ، وأما الثاني فالذين هم ينتقلون إلى حدود عالم الدين بقوله وغيرهم من الحدود الذين بعد لم يدخلوا الجنة. وقد ذكر بيان ذلك بما ضرب به المثل لذلك بقول رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الميت إذا قبر وسئل إن كان ممن وحد الله تعالى وعمل بطاعته وطاعة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فتح له باب من أبواب الجنة وتشخصت له أعماله التي قضاها في عبادة الله عزوجل فتؤانسه في وحشة القبر ، وتبشره أنّه
__________________
(١) وأثرت : أو آثرت في ج.
(٢) المستمدة : المستمدات في ط.
(٣) سورة : ٢٣ / ١٠٠.
(٤) أي : سقطت في ط.
(٥) آباء : آبائي في ج.