من الناجين فيكون في راحة وأي راحة إلى يوم القيامة ، متيقنا من أمره أنّه من أهل الجنة ، فيبعث ويساق إلى الجنة بعد الحساب. فالأنفس تعلم حالها عند التفرد والتجرد من مجاورة الأشخاص والتخلص من الأفعال التي هي شكلها وعلمها لشخصها خيرا أم شرا ، ومكوثها في البرزخ ، إنّما هو ليتم الخلق الجديد بتوارد أمثالها من دار الطبيعة واستتمام فعل الحدود فيها تعليما وتصويرا ، فتكون بجملتها مجموعة إلى ميقات يوم القيامة الذي هو كمال (١) الدور السابع ، وقيام حكم صاحبه في عالم الطبيعة كما قال سبحانه :
(قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) (٢). أي قل أمر من الله تعالى من جهة الملائكة المقربين ، يريد بين واعلم أن الأولين والآخرين يقول : إن المتقدمين في الأدوار السالفة ، والمتأخرين ممّن يجيء إلى الكون في الأدوار الباقية صغارا وكبارا لمجموعون. يقول : ليعلموا من جهة من نؤيده بروحنا الذين يدعونهم بما يجمعهم في العبادة والتوحيد إلى نظام واحد ويقوموا به إلى ميقات يوم معلوم ، ويقول إلى صاحب الدور السابع الذي هو اليوم الآخر واليوم المعلوم المبشر به فيصير الكل ، أعني الأنفس الحاصلة في الوجود كصورة شخص واحد ، هي منها كالأعضاء الكثيرة التي للشخص ولكل نفس صورة في ذاتها ، بجمع تلك الأنفس تتم تلك الصورة التي هي النشأة الأخرى والخلق الجديد ، كما أن بتلك الأعضاء كلها يتم الشخص ويسري روح القدس فيها بانبعاث صاحب الدور السابع فيقوى الكل على العبور من مضائق الأجسام والحصول في الصفحة الأعلى (٣) منها ، كما يسري روح الحس في الشخص عند عبورها
__________________
(١) كمال : تكمل في ط.
(٢) سورة : ٥٦ / ٤٩ ، ٥٠.
(٣) الأعلى : العليا في ج.