فالنشأة الثانية والخلق الجديد في عالم الدين ، كذلك الإمام الذي هو الخلق الجديد في الدور الصغير ، والقائم صلوات الله عليه للأدوار الكبار والصغار الخلق الجديد ، وهو المعني والمراد في الجنة العالية كما قال ، فيكون بالكل حصول الكل ، ويختم على ذلك ميزان الديانة ، ويشهد به الموجود من حال النشأة الأولى التي دلنا عليها ربّ العالمين بقوله :
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) (١) «يقول إن» (٢) خلقنا الشخص الذي هو الموجود الأول ليس يتم الأعضاء كثيرة وتراكيب كثيرة منها ما هو لطيف وحظ النفس من الحس به أكثر (٣) «ومنها ما هو كثيف وحظ النفس من الحس به أقل» (٤) ، وليس تخلق دفعة واحدة ، بل بزمان ومدة وتقدم عضو في الوجود على سائر الأعضاء ، وما يتبعه عما يجوز أن يخرج وحده إلى عالم الحس لامتناع بقائه إلّا مع إخوانه وأمثاله التي بها تمامه ، ثم لامتناع سريان الروح فيه إلّا فيما له كمال. ولذلك عصار الحيوان لا يجري مجرى النبات الذي تعلق عضو منه بعضو فيصير مثلا له ، وقد ذكرنا سببه فيما سبق فستبقى (٥) صورة ذلك العضو المتقدم على الوجود ، محفوظة العين بما اكتسبه من صورته إلى أن تتم باقي الأعضاء والخلق بالزمان بعد أشهر وأيام ، فيفعل الله تعالى فيها في كل زمان ويوم ، ويتم ما يتم به كماله وتهيؤها بحدوث روح الحس فيه من قوى الكواكب الفعالة فيها بأمر الله.
ثم يخرج الكل دفعة واحدة ، فتصادف بجملتها تهيؤ الهواء ، فيحدث فيه الحس فيحيا ويحس. قال تعالى (٦) : (فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) (٧). ويقول : فهلّا تعلمون.
__________________
(١) سورة : ٥٦ / ٦٢.
(٢) يقول إن : أي إن في ج.
(٣) أكثر : أقل في ج.
(٤) سقطت هذه الكلمات الموضوعة بين قوسين من ج.
(٥) فتستبقي : تستبقي في ج.
(٦) تعالى : سقطت في ط.
(٧) سورة : ٥٦ / ٦٢.