قال سيدنا حميد الدين نضر الله وجهه ورزقنا شفاعته عن قول الله تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ. وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ. كِتابٌ مَرْقُومٌ. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١). كلّا : حرف تحقيق لما يتلوه. إن كتاب الفجار ، يقول : إن نفس الفجار الذين يخالفون أمر الله تعالى فيما أمر به يكذبونه ، ويتركون العبادتين ، ويخلون بها. والواحدة منهما لفي سجين. يقول : لفي البعد الأبعد من النهاية الأولة التي هي العليون على ما سبق ذكره. وهو الشقاوة المعرب عنها بالسجين الذي به يعذب المجرمون ، كالحبس في دار الطبيعة الذي فيها يعذب المذنبون. وهو على ما ذكر أهل التفسير صخرة في أسفل سافلين. وما أدراك ما سجين ، يقول : ما تعلم أن السجين ما هو ؛ كتاب مرقوم صفة له يقول : هو نفس مرقومة رهينة بما اكتسبته من الأعمال والمعارف لا في رضى الله تعالى ولا في طاعة أولياء الله جامعة لأمثالها كالأرض المرقومة بكونها جامعة لجميع الصور الواقعة تحت الإحساس يلحقها العذاب بما ينطوي من أحوالها من صنوف الإمام كما تحدث في موجودات الأرض من الاستحالات التي جعلت مثالا للعذاب.
وهذا كناية عن تلك الأنفس الخبيثة المفارقة فأما من كان في مسالكهم فسحقا لأصحاب السعير (٢) ، وتعسا لهم ، وبعدا لما يحصل لهم من قبل الانتقال في زمرة صاحب الدور السابع من صنوف الغموم والتعريض لكل بلاء بما اختاروا لأنفسهم من العمل بغير ما أمر الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم. ومن كان أخانا حقا وقف عند ذلك على المعنى فيه ، والمعين المنصوص بذكره ، فيخاف أن يؤول أمره إلى أن يكون في البعد الأبعد من القدس «وأهله وجوار ربّ العزّة فيتحذر من التقصير في الأعمال المفروضة وفي إنشاء السعادة
__________________
(١) سورة : ٨٣ / ٧ ، ٨ ، ٩ ، ١٠.
(٢) السعير : سقطت في ط.