بمعرفة الأمور المكنونة. ثم يحذر كل الحذر بعد الدنو من الأزل أن يبعد بأخذه الأمر بالهوينا مغترا بالأجل فيحصل بتركه الاعتلاق بأحكام العبادتين فيما لا يكون شبيه إلا بالتركيب السوي من البشر يحصل في النار كيف تدب اطاعها فيه فيفصل أجزاء لحمه وعظامه ، فيحدث عن ذلك الآلام في كلمة فيرتد من تركيبه عكسا وقهقريا ونقصا إلى المراتب دونه ، نعوذ بالله من غفلة تستدعي ذلك إنّه الخسران المبين ؛ هذا غاية البيان.
وقال أيضا : وأمّا النفوس الخبيثة العاطلة عن الخير العالمة بغير ما أمر الله ورسوله به قائمة بأجسامها قائمة على مرتبة ما من أول حالها ، فإذا بطل أجسامها عادت سالكة في مهاوي العقاب والظلمة فلا تزال في العذاب من الاستحالة في نهاية إلى أن تحصل في الدرك الأسفل من النار والنهاية الأبعد من الملاذ فيفعل الله تعالى بها من بعد ما يشاء. وهذا الفصل يدل على أن هذه النفوس المستحيلة تستحيل من حالة إلى حالة من أدون الجنس البشري ، إلى ما دونه من جنس واحد بعد جنس وإلى نوع بعد نوع إلى أن تنتهي إلى أسفل سافلين.
وقد ضرب لذلك مثلا بقوله : سبيل العصاة وعصيانهم للنطقاء والأوصياء والأئمة والنجباء عليهمالسلام ، وتابعيهم كسبيل أهل بلدة وخيمة وبيئة ، فيرسل إليهم سلطان البلد طبيبا يداويهم ويحميهم ممّا يضرهم ، فمن قبل قوله وعمل بأمره خلص من علته ، وكان من علتهم ، وكان مع الأصحاء عند السلطان في الملاذ والخيرات ، ومن عصى الطبيب» (١) ، ولم يقبل ما يحميه إياه. ولم يتناول أدويته ، وظهر به الجدري واعتاض من حسن لونه وحمرة وجنته وحشة وسوادا ، ومن حسن صورته قبحا ، ومن حسن بزته تشقق جلده ، ومن حركته وذهابه ومجيئه زمانة ، ومن طيب ريحه نتنا ، ومن طهارته ونظافته
__________________
(١) سقطت الأسطر الموضوعة بين قوسين من النسخة ج.