الحدود حافظة للذات من أن تفنى ؛ وتلك الصورة الأخرى التي اكتسبتها باقية فيها لبقائها فيحدث من وجود الصورتين الآلام ، ويا لها من الآلام ، آلام يود واحدها الفرار والخلاص (١) وأنّى له ذلك ، وقد تحصل في حيز الأزل والقيام ، وانتقل من قضية الإمكان ، إلى قضية الوجود والدوام ، فيظلم جوهره وقتما يألم أحدهما بالآخر ، فترد النفس بهاتين النهايتين على أهوال عظيمة ، وظلمة هاوية ، فتبقى متحيرة ، فلا هي تحيا حياة كلية ، ولا هي تفنى فتستريح استراحة أبدية كما قال تعالى : (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) (٢). يقاسي ألم العذاب في ذاتها من جهة شمس البرية في المدينة الملكية التي بنتها الأنوار القدسية في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
وهذا الفصل بين الرموز التي كشفنا معانيها. فقوله وذلك من جهة شمس البرية في المدينة الملكية ، يعني المقام القائم في كل دور ، الذي هو شمس دوره ، فمن أنكره وتكبر عنه وعصى ، وقع في عين الخطإ وهبط من السوي الألفي ونزل في العذاب السرمد أبد الآبدين. والمدينة الملكية التي بنتها الأنوار القدسية في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. المدينة : الدعوة ، والأنوار التي بنتها النطقاء والأوصياء والأئمة وتابعوهم. واليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة هو القائم صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي دوره خمسون ألف سنة ، فيقيم هذا المعذب في العذاب الأدنى الأليم في مدة أدوار حدود الستر إلى قيامه عليهالسلام ، وكان في العذاب الأكبر إلى وفاء الكور الأعظم. وذلك بعد حساب القائم كما قال تعالى : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ. فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ. خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ. يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ. إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ. يَوْمَ
__________________
(١) والخلاص : سقطت في ج.
(٢) سورة : ٢٠ / ٧٤.