الملابس والمآكل والمشارب والفواكه الهنيئة ، والخيرات السنية التي هم عنها مبعدون ومقصون. وذلك مشاهد في الاعتبار المعاين ، كرجل يكون صاحب ثروة ونعمة وغناء وراحة وأفراح ومسار متتابعة ، ثم تطرقه محنة من المحن الدنياوية ، سلط عليه من يعتقله ويسجنه ويضيق عليه ، بعد أخذ ماله ، وسقوط جاهه ، ويصير في عذاب وتعب ونصب ونكال وألم وسفاهة وسهر وجوع وعطش ، يرفع طرفه إلى من هو يعرفه من الخالصين مما هو بصدده ، فيتحسر على ما كان فيه ، ويذكر ما كان فيه من النعمة والراحة ، ويندم على خطيئته التي أوجبت كونه فيما هو فيه ، فذلك كذلك.
وقال أيضا مقدم الذكر : ومن أشرك وعصى واستكبر في العبادة ففرط وقصر ، فتح له باب من الجحيم ، فتصير أعماله السيئة حيوانا يؤذيه ويروعه ، فيكون في وحشة وفزع إلى يوم القيامة. وقوله نضر الله وجهه : ومن كان مصرّا على ارتكاب المعاصي والكبائر فليستبشر بما تعقبه خمرة اعتقاده وفعله ، من الخمار الطويل ، والندامة والعويل ، أبد الآبدين. وليعلم أن نفسه بما تحيط به من هذه المعالم الإلهية المبنية تكتسب صورة تربطها إلى العقول البرية ، فيبقى (١) بذلك بقاء سرمدا. وهي في ذاتها بتركها حكم العبادة والتوفر على إصلاح الأخلاق بالأحكام الشرعية وتركها العبادة الناموسية والتقصير في الوفاء بها ذات صورة مباينة للصورة التي اكتسبتها بالإحاطة بما أحاطت به من المعارف الإلهية فتصير ذات صورتين له متضادتين ، صورة من حيث تصورت وجوب العلم والاكتفاء (٢) بما علمت تشبه صورة الملائكة المقدسة لربها ، وصورة من حيث تصورت جواز ترك العمل والاستغناء عنه تشبه صورة البهائم والوحوش التي «لا تعبد ربها فتصير هذه الصورة التي» (٣) اكتسبتها بمعرفة
__________________
(١) فيبقى : فيتبقى في ط.
(٢) الاكتفاء : الاستكفاء في ج.
(٣) سقطت الكلمات الموضوعة داخل قوسين من ج.