(فَأَزَلَّهُمَا) ، [أي](١) : استزل [الشيطان](٢) آدم وحواء ، أي : دعاهما إلى الزلة ، وقرأ حمزة «فأزالهما» ، أي : نحاهما (الشَّيْطانُ) : فيعال من شطن ، أي : بعد ، سمّي به لبعده عن الخير وعن الرحمة ، (عَنْها) عن الجنة (فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) : من النعيم ، وذلك أن إبليس أراد أن يدخل [الجنة](٣) ليوسوس إلى (٤) آدم وحواء فمنعته الخزنة فأتى الحية وكانت صديقة لإبليس وكانت من أحسن الدواب لها أربع قوائم كقوائم البعير وكانت من خزان الجنّة ، فسألها إبليس [لعلمه بصداقتها له](٥) أن تدخله في فمها فأدخلته ومرت به على الخزنة وهم لا يعلمون [به](٦) ، فأدخلته الجنة.
وقال الحسن : إنّما رآهما على باب الجنة ، لأنهما كانا يخرجان منها وقد كان آدم حين دخل الجنة ورأى ما فيها من النعيم قال : لو أن أخلد ، فاغتنم ذلك منه الشيطان فأتاه الشيطان من قبل الخلد ، فلما دخل الجنّة وقف بين يدي آدم وحواء وهما لا يعلمان أنه إبليس فبكى وناح نياحة أحزنتهما وهو أول من ناح ، فقالا له : ما يبكيك؟ قال : أبكي عليكما تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النعمة ، فوقع ذلك في أنفسهما فاغتما ، ومضى إبليس [عنهما](٧) ثم أتاهما بعد ذلك فقال : يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد ، فأبى أن يقبل منه وقاسمهما بالله أنه لهما لمن الناصحين فاغترّا ، وما ظنا أن أحدا يحلف بالله كاذبا فبادرت حواء إلى الأكل [من](٨) الشجرة ثم ناولت آدم حتى أكل [منها](٩).
وكان سعيد بن المسيب يحلف بالله ما أكل آدم من الشجرة وهو يعقل ولكن حواء سقته الخمر حتى [إذا](١٠) سكر قادته إليها فأكل (١١) ، قال إبراهيم بن أدهم : أورثتنا تلك الأكلة حزنا طويلا ، قال ابن عباس وقتادة : قال الله عزوجل لآدم : ألم يكن فيما أبحتك من الجنّة مندوحة عن الشجرة؟ قال : بلى يا ربّ وعزّتك ، ولكن ما ظننت أن أحدا يحلف بك كاذبا ، قال : فبعزّتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش إلا كدّا (١٢) [ولا تنال من النساء إلا مشقة وتعبا](١٣). فأهبط من الجنة ، وكانا يأكلان منها رغدا فعلّم صنعة الحديد وأمر بالحرث فحرث وزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصد ، ثم درسه (١٤) ثم ذراه ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه ثم أكله ، فلم يبلغه (١٥) حتى بلغ [منه](١٦) ما شاء الله.
قال سعيد بن جبير عن ابن عباس : إن آدم لما أكل من الشجرة التي نهي عنها قال الله عزوجل : يا آدم ما حملك على ما صنعت؟ قال : يا رب زينته لي حواء ، قال : فإني أعقبتها أن لا تحمل إلا كرها ولا تضع إلا كرها ودميتها (١٧) في الشهر مرتين ، فرنت حواء عند ذلك فقيل : عليك الرنة وعلى بناتك ، فلما أكلا منها فتت (١٨) عنهما ثيابهما وبدت سوآتهما وأخرجا من الجنّة ؛ فذلك قوله تعالى : (وَقُلْنَا اهْبِطُوا) : انزلوا إلى الأرض ، يعني : آدم وحواء وإبليس والحية ، فهبط آدم بسر نديب من أرض الهند على جبل يقال
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيد في المطبوع.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المخطوط «لآدم».
(٥) سقط من المطبوع.
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) سقط من المطبوع.
(٨) سقط من المطبوع ، وفي المطبوع «أكل «بدل «الأكل».
(٩) في المطبوع «أكلها».
(١٠) سقط من المطبوع.
(١١) زيد في المخطوط «منها».
(١٢) في المطبوع «نكدا».
(١٣) زيادة عن المخطوط.
(١٤) في المطبوع «درس» وفي المخطوط «داسه».
(١٥) في المخطوط «يبتلعه» والمثبت عن كتب التخريج والمطبوع.
(١٦) زيادة عن المخطوط.
(١٧) في المخطوط «أدميتها».
(١٨) في ـ ط ـ «تهافتت».