عامر قال : حدثنا محمد بن بكار. قال : حدثنا بزيع بن حسان أبو الخليل. قال : حدثنا علي بن زيد بن جدعان وعطاء بن أبي ميمونة ، كلاهما عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب ، قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا أبي من قرأ فاتحة الكتاب أعطي من الأجر ...» ، فذكر سورة سورة ، وثواب تاليها إلى آخر القرآن.
ثم كرر إسناده إلى أبي بن كعب قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عرض عليّ القرآن في السنة التي مات فيها مرتين ، وقال : إن جبريل أمرني أن أقرأ عليك القرآن وهو يقرئك السلام. فقال أبي : فقلت لما قرأ علي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كانت لي خاصة فخصني بثواب القرآن مما علمك الله وأطلعك عليه. قال : نعم يا أبيّ! أيّما مسلم قرأ فاتحة الكتاب أعطي من الأجر كأنما قرأ ثلثي القرآن ، وأعطي من الأجر كأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة ، ومن قرأ آل عمران أعطي بكل آية منها أمانا على جسر جهنم ، ومن قرأ سورة النساء أعطي من الأجر كأنما تصدق على كل من ورثه ميراثا ، ومن قرأ سورة المائدة ... ، الحديث.
قال العلامة ابن الجوزي : وقد فرق هذا الحديث أبو إسحاق الثعلبي في «تفسيره» فذكر عند كل سورة منه ما يخصها ، وتبعه أبو الحسن الواحدي في ذلك ، ولا أعجب منهما ، لأنهما ليسا من أصحاب الحديث ، وإنما عجبت من أبي بكر بن أبي داود كيف فرقه على كتابه الذي صنفه في فضائل القرآن ، وهو يعلم أنه حديث محال! ولكن شره جمهور المحدثين فإن من عادتهم تنميق حديثهم ولو بالبواطيل. وهذا حديث فضائل السور مصنوع بلا شك ، وقد روى في فضائل السور أيضا ميسرة بن عبد ربه. قال عبد الرحمن بن مهدي : قلت لميسرة من أين جئت بهذه الأحاديث «من قرأ كذا ، فله كذا» قال : وضعته حسبة أرغب الناس فيه ، ثم أسند ابن الجوزي عن علي بن الحسين قال : سمعت ابن المبارك يقول في حديث أبي بن كعب عن النبي صلىاللهعليهوسلم «من قرأ سورة كذا فله كذا» قال ابن المبارك : أظن الزنادقة وضعته.
وأسند ابن الجوزي عن محمود بن غيلان سمعت مؤملا يقول : حدثني شيخ بفضائل السور الذي يروى عن أبي بن كعب ، فقلت : من حدثك؟ فقال : حدثني شيخ بالمدائن ، وهو حي ، فصرت إليه ، فقلت : من حدثك؟ فقال : حدثني شيخ بواسط وهو حي ، فصرت إليه ، فقال : حدثني شيخ بالبصرة ، فصرت إليه ، فقال : حدثني شيخ بعبادان ، فصرت إليه ، فأخذ بيدي فأدخلني بيتا ، فإذا فيه قوم من المتصوفة ، ومعهم شيخ ، فقال : هذا الشيخ حدثني ، فقلت : يا شيخ من حدثك؟ فقال : لم يحدثني أحد ، ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا وجوهم إلى القرآن. ا ه باختصار كلام الحافظ ابن الجوزي رحمهالله. وجاء في «مقدمة علوم الحديث» للعلامة ابن الصلاح في «باب معرفة الحديث الموضوع» ص ٥٩. مثال : روينا عن أبي عصمة ـ وهو نوح بن أبي مريم ـ أنه قيل له من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة؟ فقال : إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن ، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق ، فوضعت هذه الأحاديث حسبة. وهكذا حال الحديث الطويل الذي يروى عن أبي بن كعب عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، في فضل القرآن سورة فسورة. بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى إلى من اعترف بأن جماعة وضعوه ، وإن أثر الوضع لبين عليه ، ولقد أخطأ الواحدي المفسر ومن ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم والله أعلم. ا ه.
قلت : وممن أودعه الزمخشري في «كشافه» وتبعه البيضاوي تنبيه : قول ابن الصلاح «بحث باحث» هو مؤمل كما تقدم آنفا.
وجاء في ألفية العراقي ، في بحث «الموضوع» بعد أن ذكر أبيات :