بغير الحق ، وقتل النبيّين لا يكون إلّا بغير الحق؟ قيل : ذكره وصفا للقتل ، والقتل تارة يوصف بالحق ، وتارة يوصف بغير الحق ، وهو مثل قوله تعالى : (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) [الأنبياء : ١١٢] ، ذكر الحق وصف للحكم لا أنّ حكمه [تعالى] ينقسم إلى الجور والحق ، ويروى أن اليهود قتلت سبعين نبيا في أول النهار ، وقامت إلى (١) سوق بقلها في آخر النهار ، (ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) : يتجاوزون أمري ويرتكبون محارمي.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣))
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) ، يعني : اليهود سمّوا به لقولهم (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) ، أي : ملنا إليك ، وقيل : لأنهم هادوا ، أي : تابوا عن عبادة العجل ، وقيل : لأنهم مالوا عن دين الإسلام وعن دين موسى عليهالسلام ، وقال أبو عمرو بن العلاء : لأنهم يتهوّدون ، أي : يتحركون عند قراءة التوراة ، ويقولون : إن السموات والأرض تحركت حين آتى الله موسى التوراة ، (وَالنَّصارى) ، سمّوا بذلك (٢) لقول الحواريين : (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) ، وقال مقاتل : لأنهم نزلوا قرية يقال لها : ناصرة ، وقيل لاعتزائهم (٣) إلى نصرة وهي قرية كان ينزلها (٤) عيسى عليهالسلام ، (وَالصَّابِئِينَ) قرأ أهل المدينة والصابين والصابون بترك الهمزة ، والباقون بالهمزة ، وأصله الخروج ، يقال : صبأ فلان أي خرج من دين إلى دين آخر ، وصبأت النجوم إذا خرجت من مطالعها ، وصبأ ناب البعير إذا خرج ، فهؤلاء سمّوا به لخروجهم من دين إلى دين.
قال عمر بن الخطاب وابن عباس : هم قوم من أهل الكتاب ، قال عمر : [تحل](٥) ذبائحهم [مثل](٥) ذبائح أهل الكتاب.
وقال ابن عباس : لا تحلّ ذبائحهم ولا مناكحتهم ، قال مجاهد : هم قبيلة نحو الشام بين اليهود والمجوس ، قال الكلبي : هم قوم [بين](٦) اليهود والنصارى يحلقون أوساط رءوسهم ويجبّون (٧) مذاكيرهم ، وقال قتادة : هم قوم يقرون بالله ويقرءون الزبور ويعبدون الملائكة ويصلّون إلى الكعبة أخذوا من كل دين شيئا ، قال عبد العزيز بن يحيى : انقرضوا. (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ، فإن قيل : كيف يستقيم قوله : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ) وقد ذكر في ابتداء الآية (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) قيل : اختلفوا في حكم الآية فقال بعضهم : أراد بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) على التحقيق.
ثم اختلفوا في هؤلاء المؤمنين ، فقال قوم : هم الذين آمنوا قبل المبعث وهم طلاب الدين ، مثل حبيب النجار وقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل والبراء السني (٧) وأبي ذر الغفاري
__________________
(١) جبّ : قطع.
__________________
(١) زيد في المطبوع.
(٢) في المطبوع «به».
(٣) في المخطوط «لاغترابهم».
(٤) في المخطوط «نزل بها».
(٥) زيد في المطبوع وحده.
(٦) سقط من المطبوع.
(٧) في المطبوع «الشني ، وفي المخطوط البستي».