دهمهم (١) عدو : اللهمّ انصرنا عليهم بالنبي المبعوث في آخر الزمان الذي نجد صفته في التوراة ، فكانوا ينصرون ، وكانوا يقولون لأعدائهم من المشركين : قد أظل (١) زمان نبي يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وثمود وإرم.
(فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا) ، يعني : محمدا صلىاللهعليهوسلم من غير بني إسرائيل وعرفوا نعته وصفته ، (كَفَرُوا بِهِ) : بغيا وحسدا ، (فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ).
(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) ، بئس ونعم فعلان ماضيان وضعا للمدح والذم ، لا يتصرفان تصرف الأفعال ، معناه : بئس الذي اختاروا لأنفسهم حين استبدلوا الباطل بالحق ، وقيل : الاشتراء هاهنا بمعنى البيع ، والمعنى : بئس ما باعوا به حظ أنفسهم ، أي [حين](٢) اختاروا الكفر وبذلوا أنفسهم للنار ، (أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ) ، يعني : القرآن ، (بَغْياً) ، أي : حسدا ، وأصل البغي : الفساد ، يقال : بغى الجرح إذا فسد ، والبغي : الظلم ، وأصله الطلب ، والباغي طالب الظلم والحاسد يظلم المحسود [جهده طلبا لإزالة](٣) نعمة الله تعالى عنه ، (أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) ، أي : النبوّة والكتاب ، (عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) : محمد صلىاللهعليهوسلم ، قرأ أهل مكة والبصرة «ينزل» وبابه (٤) بالتخفيف ، إلا في «سبحان» في موضعين : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ) [الإسراء : ٨٢] و (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) [الإسراء : ٩٣] فإن (٥) ابن كثير يشددهما ، وشدد البصريون في الأنعام (عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) [الأنعام : ٣٧] ، زاد يعقوب تشديد (بِما يُنَزِّلُ) في النحل ، وافق حمزة والكسائي في تخفيف (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) [لقمان : ٣٤] في سورة لقمان وحمعسق ، والآخرون يشدّدون الكل ولم يختلفوا في تشديد (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ) [الحجر : ٢١] في الحجر ، (فَباؤُ) : رجعوا (بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) ، أي : مع غضب ، قال ابن عباس ومجاهد : الغضب الأول بتضييعهم التوراة وتبديلهم [لها](٦) ، والثاني : بكفرهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن ، وقال قتادة : الأول بكفرهم بعيسى والإنجيل ، والثاني بكفرهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن ، وقال السدي : الأول بعبادة العجل ، والثاني بالكفر بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، (وَلِلْكافِرِينَ) : الجاحدين بنبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم من الناس كلهم ، (عَذابٌ مُهِينٌ) : مخز يهانون فيه.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩١) وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٩٢) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩٣))
قوله عزوجل : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ) ، يعني : القرآن ، (قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا) ،
__________________
(١) في «القاموس» : أدهمه : ساءه. ودهمك : غشيك.
__________________
(١) في المطبوع وحده «أطل».
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) ما بين المعقوفتين في المخطوط «لأنه طالب إزالة».
(٤) في المخطوط «ويائه» وهو خطأ.
(٥) في المطبوع وحده «قال».
(٦) سقط من المطبوع.