ع [٨٦] وروي عن سعيد بن جبير أيضا عن ابن عباس قال : ثم لبثت عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا تحت دوحة قريبة من زمزم ، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد ، ثم قال : يا إسماعيل إن الله تعالى أمرني بأمر تعينني عليه ، قال : أعينك عليه ، قال : إن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتا ، فعند ذلك رفع القواعد من البيت ، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني ، فلما ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام إبراهيم على حجر المقام ، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة ، وهما يقولان : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة : ١٢٧].
ع [٨٧] وفي الخبر : «الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة ، ولو لا مسته أيدي المشركين لأضاء ما بين المشرق والمغرب».
قوله عزوجل : (وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ) ، أي : أمرناهما وأوحينا (١) إليهما ، قيل : سمّي إسماعيل لأن إبراهيم كان يدعو الله أن يرزقه ولد ، ويقول : اسمع يا إيل ، وإيل هو الله ، فلما رزق الولد سمّاه به. (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ) ، يعني : الكعبة ، أضافه إليه تخصيصا وتفضيلا ، أي : ابنياه على الطهارة والتوحيد ، وقال سعيد بن جبير وعطاء : طهّراه من الأوثان والريب وقول الزور ، وقيل : بخّراه وخلّقاه ، قاله يمان بن رباب. قرأ أهل المدينة وحفص (بَيْتِيَ) بفتح الياء هاهنا وفي سورة الحج [٢٦] ، وزاد
__________________
ع [٨٦] ـ هو عند البخاري ٣٣٦٤ و ٣٣٦٥ وهو بعض المتقدم.
ع [٨٧] ـ الراجح وقفه. أخرجه البيهقي (٥ / ٧٥) من حديث عبد الله بن عمرو وفيه «... ولو لا ما مسهما من خطايا بني آدم» بدل «ولو لا مسته أيدي المشركين» من طريق أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس عن الزهري عن مسافع عن عبد الله بن عمرو مرفوعا ، ورجاله ثقات ، وهو أمثل إسناد في هذا الباب.
ـ وأخرجه الترمذي ٨٧٨ وأحمد (٢ / ٢١٣ ـ ٢١٤) وابن خزيمة ٢٧٣٢ وابن حبان ٣٧١٠ والحاكم من طريق رجاء بن صبيح عن مسافع عن عبد الله بن عمرو مرفوعا.
وفيه : «ولو لا أن طمس الله على نورهما» بدل «ولو لا مسته أيدي المشركين».
وفي إسناده رجاء بن صبيح ، وقد ضعفه ابن معين وغيره ، وقال أبو حاتم : ليس بالقوي. وذكره ابن حبان في الثقات.
ـ وأخرجه ابن خزيمة ٢٧٣١ والحاكم (١ / ٤٥٦) والبيهقي (٥ / ٧٥) عن أيوب بن سويد عن يونس عن الزهري عن مسافع عن عبد الله بن عمرو به.
قال الحاكم : هذا حديث تفرد به أيوب بن سويد عن يونس وأيوب ممن لم يحتجا به ، إلا أنه من أجلة مشايخ الشام.
وتعقبه الذهبي بقوله : ضعفه أحمد ا ه. وقال في «الميزان» (١ / ٢٨٧) : ضعفه أحمد وغيره ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال ابن معين : ليس بشيء ، وقال البخاري : يتكلمون فيه. وله طريق آخر أخرجه البيهقي (٥ / ٧٥) من طريق مسدد عن حماد بن زيد عن ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عمرو مرفوعا ، ورجاله رجال البخاري لكن فيه عنعنة ابن جريج.
ـ وفي الباب من حديث أنس عند الحاكم ١٦٧٨ وفي إسناده داود بن الزبرقان. قال الذهبي في «التلخيص» : داود ، قال أبو داود : متروك ا ه.
ـ ومن حديث ابن عباس عند الترمذي ٨٧٧ وابن خزيمة ٢٧٣٣ وإسناده ضعيف ، فيه عطاء بن السائب ، اختلط بأخرة.
وتابعه سعيد بن جبير عند ابن خزيمة ٢٧٣٤ لكن في الطريق أبو الجنيد الحسين بن خالد ، وهو ضعيف.
الخلاصة : كل طرقه وشواهده لا تخلو من ضعف ، وأمثلها الطريق الأولى عند البيهقي ، ولكن الحديث بمجموع هذه الشواهد والطرق يرقى إلى درجة الحسن. وقد صححه الشيخ شعيب في «الإحسان» (٩ / ٢٤) لطرقه وكذا صححه الألباني في «صحيح الترمذي» (٦٩٥ و ٦٩٦) ، ومع ذلك رفعه غريب والأشبه الوقف ، وقد أخرجه عبد الرزاق ٨٩٢١ عن ابن عمرو موقوفا وأخرجه ٨٩١٥ عن ابن عمرو وكعب الأحبار موقوفا ، وهو الراجح. والله أعلم.
__________________
(١) في المطبوع «وأوصينا».