رسول الله لو اتخذت مقام إبراهيم مصلّى ، فأنزل الله تعالى : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) ، وقلت : يا رسول الله يدخل عليك البرّ والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ، فأنزل الله عزوجل آية الحجاب ، قال : وبلغني معاتبة النبيّ صلىاللهعليهوسلم بعض نسائه ، فدخلت عليهن فقلت لهن : إن انتهيتنّ أو ليبدلنّه الله خيرا منكن ، فأنزل الله تعالى : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ) [التحريم : ٥] الآية.
ع [٨٤] ورواه محمد بن إسماعيل أيضا عن عمرو بن عون أنا هشيم عن حميد عن أنس رضي الله عنه قال : قال عمر رضي الله عنه : وافقت ربي في ثلاث ، قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلّى ، فنزلت : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى).
وأما بدء قصة المقام :
ع [٨٥] فقد روى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أتى إبراهيم بإسماعيل وهاجر وضعهما بمكة ، وأتت على ذلك مدة ونزلها الجرهميون وتزوج إسماعيل منهم امرأة و [قد](١) ماتت هاجر ، واستأذن إبراهيم سارة أن يأتي هاجر فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل ، فقدم إبراهيم مكة وقد ماتت هاجر فذهب إلى بيت إسماعيل فقال لامرأته : أين صاحبك؟ قالت : ذهب للصيد (٢) ، وكان إسماعيل عليهالسلام يخرج من الحرم فيصيد ، فقال لها إبراهيم : هل عندك ضيافة؟ قالت : ليس عندي شيء (٣) وسألها عن عيشهم ، فقالت : نحن في ضيق وشدّة ، فشكت إليه فقال لها : إذا جاء زوجك فأقرئيه [مني](١) السلام وقولي له : فليغيّر عتبة بابه ، فذهب إبراهيم فجاء إسماعيل فوجد ريح أبيه ، فقال لامرأته : هل جاءك أحد؟ فقالت : جاءني شيخ صفته كذا وكذا ، كالمستخفة بشأنه ، قال : فما قال لك؟ قالت : قال أقرئي زوجك [مني](٤) السلام وقولي له فليغيّر عتبة بابه ، قال : ذلك أبي وقد أمرني أن أفارقك ، الحقي بأهلك فطلّقها ، وتزوّج منهم بأخرى فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث ، ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل ، فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل ، فجاء إبراهيم عليهالسلام حتى انتهى إلى باب إسماعيل ، فقال لامرأته : أين صاحبك؟ قالت : ذهب يتصيّد وهو يجيء الآن إن شاء الله ، فانزل يرحمك الله ، قال : هل عندك ضيافة؟ قالت : نعم ، فجاءت باللبن واللحم ، وسألها عن عيشهم فقالت : نحن بخير وسعة فدعا لهما بالبركة ، ولو جاءت يومئذ بخبز بر أو شعير أو تمر لكانت أكثر أرض الله برا أو شعيرا أو تمرا ، فقالت له : انزل حتى أغسل رأسك فلم ينزل ، فجاءته بالمقام فوضعته عن شقّه الأيمن فوضع قدمه عليه فغسلت شق رأسه الأيمن ثم حولته إلى شقّه الأيسر فغسلت شقّ رأسه الأيسر ، فبقي أثر قدميه عليه ، فقال لها : إذا جاء زوجك فأقرئيه [مني](٤) السلام وقولي له : قد استقامت عتبة بابك ، فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه ، فقال لامرأته : هل جاءك أحد؟ قالت : نعم شيخ [كبير](٥) أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا ، وقال لي كذا وكذا ، وقلت له كذا وكذا ، وغسلت رأسه وهذا موضع قدميه ، فقال ذاك إبراهيم [النبيّ أبي](١) ، وأنت العتبة أمرني أن أمسكك.
__________________
ع [٨٤] ـ هو عند البخاري ٤٠٢ بهذا الإسناد وأتم منه في اللفظ.
ع [٨٥] ـ ذكره المصنف موقوفا على ابن عباس ، وأخرج البخاري في «صحيحه» ٣٣٦٤ و ٣٣٦٥ عن ابن عباس نحوه مطولا فجعل بعضه موقوفا ، وبعضه الآخر مرفوعا ، راجع صحيح البخاري.
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) في المطبوع «يتصيد».
(٣) في المطبوع «ضيافة».
(٤) ما بين المعقوفتين زيادة عن المخطوط.
(٥) زيد في نسخ المطبوع.