الأعمش «ومن يؤته الله» حكي عن الحسن ، (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ) قال : الورع في دين الله ، (فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) ، [قال الحسن (١) : من أعطي القرآن فكأنّما أدرجت النبوة بين جنبيه إلّا أنه لم يوح إليه](١) ، (وَما يَذَّكَّرُ) : يتّعظ ، (إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) : ذوو العقول.
(وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٢٧٠) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٧١))
قوله تعالى : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ) : فيما فرض الله عليكم ، (أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ) ، أي : ما أوجبتموه أنتم على أنفسكم في طاعة الله فوفّيتم به ، (فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) ، ويحفظه حتى (٢) يجازيكم به ، وإنما قال (يَعْلَمُهُ) ولم يقل يعلمها ، لأنه ردّه إلى الآخر منها ؛ كقوله تعالى : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً) [النساء : ١١٢] ، وإن شئت حملته على (٣)(ما) ؛ كقوله : (وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ) [البقرة : ٢٣١] ، ولم يقل بهما ، (وَما لِلظَّالِمِينَ) ، الواضعين الصدقة في غير موضعها بالرياء ويتصدّقون من الحرام ، (مِنْ أَنْصارٍ) ، من أعوان يدفعون عذاب الله عنهم ، وهي جمع نصير ، مثل شريف وأشراف.
قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ) ، أي : تظهروها ، (فَنِعِمَّا هِيَ) ، أي : نعمت الخصلة هي ، و «ما» في محل الرفع ، وهي في محل النصب ، كما تقول : نعم الرجل رجلا ، فإذا عرفت رفعت فقلت : نعم الرجل زيد ، وأصله نعم ما فوصلت (٤) ، قرأ أهل المدينة غير ورش وأبو عمر وأبو بكر (فَنِعِمَّا) بكسر النون وسكون العين ، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بفتح النون وكسر العين ، وقرأ ابن كثير ونافع برواية ورش ويعقوب وحفص بكسرهما ، وكلها لغات صحيحة ، وكذلك في سورة النساء. و (وَإِنْ تُخْفُوها) ، تسروها ، (وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ) ، [أي : تؤتوها الفقراء](٥) في السرّ ، (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) وأفضل وكل مقبول إذا كانت النيّة صادقة ، ولكن صدقة السرّ أفضل.
ع [٣١٨] وفي الحديث : «صدقة السر تطفئ غضب الربّ».
__________________
(١) ورد مرفوعا من حديث عمرو بن العاص عند الحاكم (١ / ٥٥٢)
ع [٣١٨] ـ حسن بشواهده. أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٩ / ١٠١٨) وفي «الأوسط» ٩٤٧ والقضاعي في «مسند الشهاب» ١٠٢ من رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة.
قال الهيثمي في «المجمع» ٤٦٣٦ : وفيه صدقة بن عبد الله ، وثقة دحيم ، وضعفه جماعة ا ه.
وصدقة هذا ضعفه ابن حجر كما في «التقريب» وشيخه أصبغ مجهول وقال الهيثمي (٨ / ١٩٤) : فيه أصبغ غير معروف وبقية رجاله وثقوا وفيهم خلاف ا ه.
ـ وأخرجه الطبراني في «الكبير» ٨٠١٤ من حديث أبي أمامة وصدره «صنائع المعروف ...» وحسّن إسناده الهيثمي في «المجمع» ٤٦٣٧ وكذا المنذري في «الترغيب» (٢ / ١٦٩) مع أن في إسناده حفص بن سليمان الأسدي ضعيف الحديث.
ـ وأخرجه الطبراني في «الصغير» ١٠٣٤ والقضاعي ٩٩ من حديث عبد الله بن جعفر وقال الهيثمي ٤٦٣٨ : وفيه
__________________
(١) زيد في المطبوع وحده.
(٢) في المخطوط «يعني».
(٣) في المخطوط «عليهما».
(٤) في المطبوع «وصلت».
(٥) ليس في المخطوط.