للمتثبطين ، فجمعت ـ بعون الله تعالى وحسن توفيقه ـ فيما سألوا كتابا وسطا بين الطويل الممل ، والقصير المخل ، أرجو أن يكون مفيدا لمن أقبل على تحصيله مريدا.
وما نقلت فيه من التفسير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حبر هذه الأمّة ، ومن بعده من التابعين ، وأئمة السلف مثل : مجاهد وعكرمة وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري (١) وقتادة وأبي العالية ومحمد بن كعب القرظي ، وزيد بن أسلم والكلبي والضحاك ، ومقاتل بن حيان ومقاتل بن سليمان والسدي وغيرهم ، فأكثرها مما أخبرنيه الشيخ أبو سعيد أحمد بن إبراهيم (٢) الشّريحي الخوارزمي فيما قرأته عليه ، عن الأستاذ أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي عن شيوخه [رحمهمالله](٣).
أما تفسير عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ـ ترجمان القرآن ـ الذي قال فيه النبيّ صلىاللهعليهوسلم :
ع [٢] «اللهمّ علّمه الكتاب» ، وقال :
ع [٣] «اللهمّ فقّهه في الدين».
قال (٤) أبو إسحاق : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن حامد ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي (٥) ، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، ثنا عبد الله بن صالح ، أن معاوية بن صالح ، حدثه عن علي بن أبي طلحة الوالبي عن عبد الله بن عباس (٦) :
__________________
(١) زيد في المطبوع وفي النسخة المصرية ، رضي الله عنهما وليس في المخطوط ونسخة «ط» والظاهر أنها مقحمة ، ولا تصح ، فقد تقدم ذكر أربعة من أئمة التابعين ومشاهيرهم ، فلو صح ثبوتها لكان الصواب «رضي الله عنهم» فتنبه ، والله أعلم.
(٢) في المطبوع «محمد».
(٣) زياد عن «ط».
[٢] ـ صحيح. أخرجه البخاري ٧٥ و ٣٧٥٦ و ٢٧٠ والترمذي ٣٨٢٤ وابن ماجه ١٦٦ وأحمد ١ / ٢١٤ وفي «الفضائل» (١٨٣٥ و ١٩٢٣) وابن حبان ٧٠٥٤ والطبراني في «الكبير» (١٠٥٨٨) من طرق عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس قال : ضمني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال : «اللهم علمه الكتاب» لفظ البخاري بحرفيته. وجعل بعضهم «الحكمة» بدل «الكتاب» هكذا رواية الترمذي وابن حبان وغيرهما. والله أعلم.
[٣] ـ صحيح ، أخرجه البخاري ١٤٣ ومسلم ٢٤٧٧ وأحمد (١ / ٣٢٧) وابن حبان ٧٠٥٣ والطبراني في «الكبير» ١١٢٠٤ كلهم عن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس : أن النبي صلىاللهعليهوسلم دخل الخلاء ، فوضعت له وضوءا ، قال : من وضع هذا ، فأخبر ، فقال : «اللهم فقهه في الدين» لفظ البخاري بحروفه. ورواية مسلم «اللهم فقهه» ليس فيه «في الدين» وزاد مسلم بعد «وضوءا» ، «فلما خرج». والله تعالى أعلم.
(٤) وقع في الأصل وبعض النسخ «وقال» والمثبت عن «ط» وهو يوافق باقي ألفاظ المصنف الآتية ، مع أن الأولى أن يقال : «فقال» لأن ـ أما ـ حرف شرط وتفصيل ـ ويقترن جوابها بالفاء. كما هو مقرر في كتب النحو ، والآيات في ذلك كثيرة من ذلك قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١))[النازعات : ٣٧ ـ ٤١] وكذلك قوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى)[فصلت : ١٧] والآيات في ذلك كثيرة ، والله الموفق.
(٥) وقع في الأصل وبعض النسخ «الطوائفي» وهو تصحيف ظاهر ، والتصويب عن «ط» وكتب التراجم.
(٦) هذا الإسناد إلى ابن عباس ضعيف ، وله علتان : الأولى : ضعف عبد الله بن صالح. قال عنه الذهبي في «الميزان» ٤٣٨٣ ، هو صاحب حديث ، وله مناكير. قال أحمد : كان أول أمره متماسكا ، ثم فسد بأخرة ، وقال أبو حاتم : صدوق أمين ما علمته ، أخرج أحاديث في آخر عمره أنكروها ، نرى أنها مما افتعل خالد بن نجيح ، وكان أبو صالح يصحبه ، وقال صالح جزرة : كان يحيى يوثقه ، وهو عندي يكذب في الحديث وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال ابن حبان : كان في نفسه صدوقا ، إنما وقعت المناكير في حديثه من قبل جار له. سمعت ابن خزيمة يقول : كان له جار بينه وبينه عداوة ، كان