وما بعدها غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط فقد رخص فيه لأهل العلم ، أمّا التفسير وهو الكلام في أسباب نزول الآية وشأنها وقصّتها ، فلا يجوز إلا بالسماع بعد ثبوته من طريق النقل ، وأصل التفسير من التفسرة ، وهي الدليل من الماء الذي ينظر فيه الطبيب فيكشف عن علّة المريض ، كذلك المفسّر يكشف عن شأن الآية وقصتها ، واشتقاق التأويل : من الأول وهو الرجوع ، يقال : أوّلته فأوّل ، أي : صرفته فانصرف.
[٢٤] أخبرنا أبو بكر بن أبي الهيثم الترابي (١) أنا الحاكم أبو الفضل الحدادي أنا أبو يزيد محمد بن يحيى
__________________
(١) وقع في الأصل «البراني» والتصويب عن «ط».
[٢٤] ـ صدره صحيح ، خرجه الشيخان من غير هذا الوجه ، وأما لفظ «لكل آية ...» فغريب جدا ، والإسناد ضعيف. مغيرة بن مقسم ، مدلس وقد عنعن ، وجرير بن عبد الحميد تغير حفظ بأخرة ، والوهن فقط في عجره.
ـ وأخرجه الطحاوي في «المشكل» (٣٠٩٥) من طريق جرير بن عبد الحميد بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أبو يعلى ٥١٤٩ من طريق المغيرة بن مقسم بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه الطبري ١٠ من طريق جرير بن عبد الحميد عن المغيرة عن واصل بن حيان عمن ذكره عن أبي الأحوص به.
وهذا اضطراب حيث هاهنا فيه راو لم يسمّ.
ـ وأخرجه ابن حبان ٧٥٠ من طريق محمد بن عجلان عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي الأحوص به. والهمداني إن كان عمرو بن عبد الله السبيعي ، فهو ثقة ، لكنه مدلس ، وقد عنعن وإن كان الهجري ، فهو ضعيف. وهو الراجح كونه الهجري ، والوهم من أحد رواة ابن حبان.
ـ وأخرجه الطبري ١١ من طريق أبي إسحاق الهجري عن أبي الأحوص به وأبو إسحاق الهجري هو إبراهيم بن مسلم ، وفيه لين.
ـ وأخرجه الطبراني في «الكبير» (١٠٠٩٠) والبزار ٢٣١٢ والطحاوي في «المشكل» (٣٠٧٧) من طريق محمد بن عجلان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص به ، ولم يذكروا أبا إسحاق إلا أن البزار قال عقب روايته : لم يروه هكذا غير الهجري ، ولا روى ابن عجلان عن الهجري غيره ، ولا نعلمه من طريق ابن عجلان إلا من هذا الوجه ا ه.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٧ / ١٥٢) (١١٥٧٩) : رواه البزار ، وأبو يعلى في «الكبير» ، وفي رواية عنده «لكل حرف منها بطن وظهر».
والطبراني في «الأوسط» باختصار آخره ، ورجال أبي يعلى ثقات ، ورواية البزار عن محمد بن عجلان عن أبي إسحاق قال في آخرها : لم يرو محمد بن عجلان عن إبراهيم الهجري غير هذا الحديث. قلت : ومحمد بن عجلان إنما روى عن أبي إسحاق السبيعي ، فإن كان هو أبا إسحاق السبيعي ، فرجال البزار أيضا ثقات ا ه. قلت : لا يليق هذا الحديث بأبي إسحاق السّبيعي ، ولو كان عنده لرواه عنه الثقات ، لأنه محدث أهل الكوفة ، وقد روى له الأئمة الستة ، وهو مكثر.
ـ وأخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» ص (٤٣) عن حجاج عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن مرسلا ومن طريق أبي عبيد أخرجه البغوي في «شرح السنة» (١٢٢) ولفظه «ما أنزل الله تعالى آية إلا لها ظهر وبطن ، وكل حرف حد ، وكل حد مطلع».
ورواية البغوي «... ولكل حرف حد ، ولكل حد مطلع». وهذا مرسل ، ومع إرساله علي بن زيد ضعيف.
ـ وأخرجه أبو عبيد أيضا ص ٤٢ عن حجاج عن المبارك بن فضالة عن الحسن مرسلا. ومرسلات الحسن واهية ، لأنه يروي عن كل أحد كما هو مقرر في كتب المصطلح.
الخلاصة : أما صدره ، فصحيح ، رواه الجماعة عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم ، وكذا رواه غير واحد بدون عجزه ، وأما عجزه ، فغريب ، بل هو منكر ، ويكفي في غرابته هو أنه لم يروه أحد من الأئمة الستة ، والإسناد الأول ضعيف جرير تغير حفظه ، ومغيرة مدلس ، وقد عنعن ، ثم قد روي عن واصل عن رجل لم يسم عن أبي الأحوص كذا رواه الطبري وتقدم. وأما الطريق الثاني : فمداره على أبي إسحاق ، وهو الهجري وهو ضعيف ضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما. ولا يصح كونه أبي إسحاق السبيعي الهمداني ، وقد أخطأ أحد رجال ابن حبان فجعله الهمداني ،