العموم ، والرحيم من تصل رحمته إليهم على الخصوص ، ولذلك يدعى غير الله رحيما ولا يدعى [غير الله](١) رحمانا ، فالرحمن عام المعنى خاص اللفظ ، والرحيم عام اللفظ خاص المعنى ، والرحمة إرادة الله الخير لأهله ، وقيل : هي ترك عقوبة من يستحقها وإسداء الخير إلى من لا يستحق ، فهي على الأول صفة ذات وعلى الثاني صفة فعل.
واختلفوا في آية التسمية فذهب قراء المدينة والبصرة وفقهاء الكوفة إلى أنها ليست من فاتحة الكتاب ، ولا من غيرها من السور والافتتاح بها للتّيمن والتبرك ، وذهب قراء مكة والكوفة وأكثر فقهاء الحجاز إلى أنها [ليست](٢) من الفاتحة وليست من سائر السور ، وإنما (٣) كتبت للفصل ، وذهب جماعة إلى أنها من الفاتحة ومن كل سورة إلا سورة التوبة ، وهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي (٤) ، لأنها كتبت في المصحف بخط سائر القرآن.
واتفقوا على أن الفاتحة سبع آيات فالآية الأولى عند من يعدها من الفاتحة بسم الله الرّحمن الرّحيم وابتداء الآية الأخيرة صراط الذين ، ومن لم يعدها من الفاتحة قال ابتداؤها الحمد لله رب العالمين وابتداء الآية الأخيرة غير المغضوب عليهم ، واحتج من جعلها من الفاتحة ومن السور بأنها كتبت في المصحف بخط القرآن وبما :
[٢٥] أخبرنا [أبو الحسن] عبد الوهّاب بن محمد الكسائي ، أنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الخلال ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، وأنا الربيع بن سليمان أنا الشافعي أنا عبد المجيد عن ابن جريج أخبرني أبي عن سعيد بن جبير :
(وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧)) [الحجر : ٨٧]. هي أم القرآن قال أبي : وقرأها عليّ سعيد بن جبير حتى ختمها ثم قال : بسم الله الرّحمن الرّحيم الآية السابعة ، قال سعيد : قرأها عليّ ابن عباس كما قرأتها عليك ثم قال : بسم الله الرّحمن الرّحيم الآية السابعة ، قال ابن عباس : فادخرها (٥) لكم فما أخرجها لأحد قبلكم.
ومن لم يجعلها من الفاتحة ، احتج بما :
[٢٦] ثنا أبو الحسن محمد بن محمد الشيرزي (١) أنا زاهر بن أحمد ثنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو
__________________
[٢٥] ـ موقوف ، فيه عبد المجيد ، وهو ابن عبد العزيز بن أبي رواد ، ضعفه قوم ووثقه آخرون.
هو في «شرح السنة» (٥٨١) بهذا الإسناد ، ومثل هذا الإسناد لا يحتج به في مثل هذه المواطن.
[٢٦] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، أبو مصعب أحمد بن أبي بكر ؛ حميد بن أبي حميد.
وهو في «شرح السنة» (٥٨٤) بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه مسلم ٣٩٩ ومالك ١ / ٨١.
(١) في الأصل «الشيرازي» والتصويب عن «الأنساب» و «شرح السنة» (٥٨٤)
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) زيد في المطبوع.
(٣) في المطبوع «فإنما».
(٤) زيد في المطبوع «في قول».
(٥) في المطبوع «فذخرها».