والثانية لا ربط لها بمسألة استحقاق العقاب ، نعم المقدّمة الثالثة والرابعة يصلح كل منهما أن يكون وجها لإثبات استحقاقه.
إذن ، هذا البرهان ليس مركبا من أربع مقدّمات ، بل هو مركب من الثالثة والرابعة كما عرفت.
ونحن هنا نضيف إليهما الوجه الّذي ذكره الشّيخ الأنصاري «قده».
ومعه يتحصل لدينا ثلاثة براهين على استحقاق المتجري للعقاب.
١ ـ البرهان الأول : وهو المقدّمة الثالثة من برهان الشيرازي «قده» (١) ، وحاصله هو.
إنّ المناط في حكم العقل باستحقاق العقاب إنّما هو ارتكاب ما يعلم مخالفته لتكليف المولى ، لا ما يكون مخالفا للواقع ، إذ المهم هو العلم بالتكليف لا إصابة هذا العلم للواقع ، وذلك لأنّه لو كانت الإصابة قيدا في الملاك ودخيلة فيه ، إذن لتعطّل باب المعصية ولما أمكن إحراز الإصابة في أيّ مورد ، لأنّ الإصابة ليست مضمونة إلّا للمعصومين ، وهذا بخلاف ما إذا قلنا انّ حكم العقل بالاستحقاق ، تمام ملاكه هو العلم بلا دخل الإصابة ، إذ بناء على ذلك يكون الأمر أوضح ، حيث أنّ المتجري والعاصي يكونان على حد واحد لأنّ مناط استحقاق العقاب الّذي هو العلم متوفر فيهما معا.
وقد أجاب الميرزا «قده» عن ذلك بما حاصله : إنّا لو سلّمنا انّ تمام المناط في حكم العقل إنّما هو العلم ، لكن نقول : إنّ المتجري ليس بعالم حقيقة ، بل هو جاهل ، وجهله مركب في الواقع ، إذن غاية ما تثبتون هو ، انّ تمام الملاك هو العلم وهذا غير موجود في المتجري.
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٢٢٨ ، ٢٢٩.