وأمّا إن كان الملحوظ ـ بعد التسليم بإمكان وجود الجامع المفهومي التصوري ـ هو عدم معقولية إيجاد هذين الحكمين بجعل واحد ، لأنّ ذلك خلف الطولية ، باعتبار انّ إيجادهما بجعل واحد معناه : العرضية بينهما ، إن كان هذا هو الملحوظ :
فجوابه : انّه لا محذور في جعل يكون منشئا لمجعوله على نهج القضية الحقيقيّة ، على الموضوع المقدّر الوجود ، ففي باب الجعل الّذي يكون جعلا على نهج القضية الحقيقيّة المجعول لا يكون فيها فعليا بنفس الجعل ، بل يكون فعليا بفعلية موضوعه خارجا كما عرفت في محله ، وحينئذ ، فلا محذور بأن ينشأ بجعل واحد كلتا الحرمتين الطوليتين ، إذ ليس معنى ذلك عرضيّتهما في عالم الفعلية ، لأنّ جعلهما لا يساوق فعليتهما ، وإنّما فعلية كل منهما تكون منوطة بتحقّق موضوعه ، وحينئذ ، إذا تحقق موضوع الحرمة الأولى ، فيتحقّق الأول ، وهي بنفسها تحقّق موضوع الحرمة الثانية.
والخلاصة هي : انّ العرضية جعلا ، لا تتنافى مع الطولية مجعولا وفعلية.
وعليه : فهذا الإشكال على كلا التقديرين غير تام.
وأمّا الشق الثاني : وهو فرض كون الخطاب مجعولا بجعل مستقل لخصوص الفعل المتجرّى به ـ أي انّ موضوع الخطاب هو المائع الّذي قطع بخمريته ولم يكن قطعه مصيبا ـ.
وقد كان إشكاله عليه ، بأنّ هذا الخطاب يستحيل وصوله إلى المكلّف لأنّ المكلّف في حال إقدامه متجرئا على المولى لا يلتفت إلى خطئه ، ومعه لا يرى نفسه متجرئا ومشمولا لهذا الخطاب ، ولو فرض أنّه التفت إلى خطئه إذن فقد خرج عن عنوان التجري ، إذن جعل حكم لا يقبل الوصول أمر غير معقول.