وهذا منهم انسياقا مع الخلط بين باب الحسن والقبح ، وبين باب المصالح والمفاسد.
وصفوة القول في المقام هو ، أن يقال : بأنّه في فرض تنجز الحرمة الواقعية على المكلّف ، بقطع ، أو بأصل ، ولم يكن الفعل حراما ، بل كان في الواقع واجبا ، حينئذ ، يتكلم في انّ هذا الوجوب الواقعي هل يتنافى مع الحيثيّات الظاهريّة ، أو أنّه لا يتنافى؟ وهذا الكلام ينحل إلى أربع نقاط.
١ ـ النقطة الأولى : هي أنّ الوجوب الواقعي ، هل يتنافى مع الحكم الظاهري الّذي جعله الشارع ، وببركته تنجزت الحرمة؟
وهذا هو عين البحث في الجمع بين الأحكام الواقعية والظاهرية ، وسوف يأتي الكلام عنه في محله إن شاء الله تعالى ، وبتجاوز هذه النقطة نواجه النقطة الثانية.
٢ ـ النقطة الثانية : هي أنّه كيف يمكن الجمع والتوفيق بين الوجوب الواقعي ، وبين تنجز الحرمة ـ لا الحكم الظاهري ـ سواء كان منشأ التنجز هو حكم الشارع ، أو حكم العقل؟
والشبهة هنا ليست شبهة اجتماع الحكمين المتضادين كما في النقطة الأولى ، إذ ليس في هذه النقطة حكمان شرعيان ، بل وجوب واقعي ، وتنجز من قبل العقل.
إذن فالشبهة هنا هي ، ان تنجز الحرمة بحكم العقل يوجب عجز المكلّف تشريعا عن الإقدام على هذا الفعل ، وحينئذ ، فالمكلّف لا يكون قادرا على الفعل شرعا ، مع أنّ الوجوب الواقعي مشروط بالقدرة.
ومن هنا تقع شبهة المنافاة المذكورة بين الوجوب الواقعي ، وتنجز الحرمة بحكم العقل ، إذ معناه أنّ العقل يمنع المكلّف عن الإقدام ، فإنّ