التمامية ، فإنّ ذلك البيان لا يتم ، وذلك لأنّ التجري في طول الامتثال والعصيان للحكم المتجرى بلحاظه ، وهو الحرمة الوهمية الّتي يعتقدها ، لا في طول امتثاله الوجوب الواقعي الّذي لم يصل إلى المكلّف.
ونحن نتكلم عن التوفيق بين حيثيّة التجري ، والوجوب الواقعي ، لا بين حيثيّة التجري ، والحرمة ، كما لو فرضنا أنّ صلاة الجمعة واجبة ، لكن هذا المكلّف تخيّل حرمتها ، وتجرّى فصلّاها ، فهنا ، انتزاع عنوان التجري عن حرمة الجمعة المتخيّلة ، هو في طول حرمتها الخيالية ، فإنّه لو لا ذلك لما انتزع عنوان التجري ، لا أنّه لو لا وجوبها الواقعي لما انتزع عنوان التجري ، إذن فانتزاع عنوان التجري في طول الحرمة الخيالية ، فيكون تعدّد المرتبة الطولية إنّما هو بين التجري ، وبين الحرمة الخيالية ، لا بين التجري والوجوب الواقعي.
بينما نحن نتكلم عن التوفيق بين التجري والوجوب الواقعي ، وهذان الأمران لا طولية بينهما ، إذن فحديث الطولية لا ينفع ولا ينطبق على المقام.
وإنّما الصحيح أن يقال : بأنّه لا تنافي أصلا بين قبح التجري ، والوجوب الواقعي ، وذلك ، لأنّ التنافي بينهما إنّما يكون لو أرجعنا باب الحسن والقبح إلى باب المصالح والمفاسد ، فإنّه حينئذ يقال : بأنّ هذا الفعل مقتضى وجوبه الواقعي ، أنّه فيه مصلحة ملزمة ، وبمقتضى قبح التجري ذاك ، أنّه فيه مفسدة ملزمة ، فالتنافي مبني على ذلك.
وقد عرفت أنّهما بابان ، لا باب واحد ، ولا تنافي بين كون شيء فيه مصلحة ملزمة ، وبين قبح بحكم العقل ، ولا يجتمعان.
٤ ـ النقطة الرابعة : هي أنّه لو قلنا بحرمة التجري ، مضافا إلى قبحه ، فإنّه حينئذ يقال : كيف نوفق بين الوجوب الواقعي ، وبين الحرمة الشرعية؟.