أحدهما : صلاحية العبادة للتقرّب نحو المولى ، بحيث يكون العمل منسوبا إلى المولى بنحو من أنحاء النسبة.
وثانيهما : هو أن يؤتى بالفعل بداعي المولى ومن أجله ، فمثلا : إكرام عدو المولى لا يمكن أن يكون عبادة وتقربا نحو المولى ، لأنّ هذا الفعل ليس مضافا إلى المولى بوجه ، إذن فالشرط الأول مختل ، بينما إكرام ابن المولى لكن دون قصد التقرب نحو المولى ، فأيضا الشرط الثاني مختل فيه ، لأنّه لم يؤتى به من أجله وبداعيه ، لأنّ حال المولى في فرض الفعل ليس أحسن منه على تقدير ترك الفعل ، إذن ، فلا تقع الجمعة عبادة وصحيحة. بينما العراقي «قده» لأنّه كان يبني على عدم قبح الفعل المتجرّى به وعدم كونه ظلما للمولى ، إذن فالشرط الأول متحقّق عنده ، ولذا ذهب إلى صحة العبادة وأنّها صالحة للتقرّب إلى المولى.
ولكن لم يلتفت العراقي «قده» إلى أنّه لا بدّ وأن يكون الداعي حقيقة للإتيان بالفعل هو المولى وقصد التقرّب منه ، وهذا أمر يستحيل تحقّقه من هذا المكلّف قبل انكشاف الخلاف ، لأنّه حين العمل كانت الحرمة منجزة عليه ، وهذا يعني ـ أنّه حتّى بناء على عدم القبح ـ أنّه يحتمل انّ هذا الفعل فيه هتك للمولى وظلم له ، لأنّه يحتمل مطابقة الإمارة للواقع ، ولا يحتمل أن يكون تركه ظلما ، إذن ، كيف يعقل أن يكون ترجيحه للفعل على الترك من أجل المولى.
وبعبارة أخرى : لا يمكن أن يكون الداعي لترجيح الفعل على الترك هو المولى نفسه ، كما لو أمر عبده بإكرام فلان ، لكن العبد يرى أنّه خلاف مصلحة مولاه ، فيتجرأ على عصيانه حفظا لمصلحة المولى.
إلّا أنّ هذا لا يكون في المولى الحقيقي الّذي لا يتصور بحقّه أن يكون له مصلحة في الواجبات.