كفايته (١) ، وكأنّهم فرغوا من قيام الإمارة مقامه ، لأنّ هذا هو المتيقن من دليل حجيّتها ، إذ لو لم تقم مقامه لما كان هناك معنى لجعل الحجيّة لها ، فالقدر المتيقن من دليل جعل الحجيّة هي كونها تقوم مقام القطع الطريقي ، وإلّا فلا معنى لجعل الحجيّة لها.
لكن أثير بعد شيخ الرّسائل والكفاية «قده» إشكال ثبوتي حول قيام الإمارة مقام القطع الطريقي ، وهذا الإشكال مبني على تصورات المشهور القائلين بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، حيث يقال :
انّه يحسن العقاب مع العلم بالبيان بمقتضى قاعدة حجيّة القطع ، ويقبح العقاب بلا بيان بمقتضى قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
حينئذ : مبنيا على هذا التصور قالوا : إذا كان العقل يحكم بقبح العقاب بلا بيان وعلم ، وحينئذ ، إن فرض أنّه حصل علم وجداني ، فهذا يرفع القبح موضوعا ، وأمّا إذا فرض قيام إمارة معتبرة على الحرمة ، وكانت الإمارة ظنّية أو احتمالية لا قطعيّة ، فموضوع قاعدة قبح العقاب بلا علم موجودة ، وهو ، «اللّاعلم» ، ودليل الحجيّة لا يمكن أن يخصّص قاعدة قبح العقاب ، لأنّها عقلية ، إذن فكيف يعقل ، بجعل الحجيّة للإمارة ، أن تكون هذه الإمارة مصححة للعقاب ، ومنجزة له على الواقع المشكوك غير المعلوم ، مع أنّ موضوع قاعدة قبح العقاب تام في المقام؟.
فإن قيل : بأنّ دليل الحجيّة ينجز بالإمارة الواقع المشكوك ، بمعنى : أنّه يصحح العقاب على الواقع المشكوك.
فجوابه : هو أنّ هذا على خلاف قانون قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
__________________
(١) كفاية الأصول : الخراساني ، ج ٢ ، ص ٢٠.