وحينئذ ، فكاشفية الخطاب الظاهري المتكفل للحجيّة ـ بألسنتها المختلفة ـ عن تلك المرتبة من الاهتمام ، إذن فهذه ليست كاشفية «إنّيّة» ، من باب كشف المعلول عن العلّة ، بل كشف عرفي تصديقي.
٢ ـ البيان الثاني : هو أن يقال : انّه في الأدلة اللبية للحجيّة ، من قبيل الحجيّة الثابتة بالسيرة العقلائية فالأمر فيها أوضح ، فإنّ روح السيرة العقلائية هذه عبارة أخرى ، عن أنّ المولى العقلائي لا يرضى بتفويت أغراضه الواقعية المشكوكة والّتي على طبقها خبر الثقة ، فإذا قطعنا بالإمضاء ، كان معناه القطع بأنّ الشارع كالمولى العقلائي من حيث الاهتمام بأغراضه الواقعية ، وعدم رضاه بتفويتها من قبل الشاكّ مع وجود خبر ثقة عليها.
وبما بيّناه ، اتضح أنّ جوهر الموقف من دفع الشبهة ، إنّما هو بمقدار ما يبرزه ذلك الخطاب الظاهري من تلك المرتبة من الاهتمام ، بحيث أنّه أوجد علما بالقضية الشرطية ، إذن ، فهو ينجز الواقع المشكوك ، لأنّه يخرج المورد عن موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان مهما كان لسانه الإنشائي ، سواء كان لسان الأمر ، «كصدق العادل» ، أو لسان تنزيل شيء آخر بمنزلة الواقع كما في قوله عليهالسلام ، «ما أدّيا إليك فعنّي يؤدّيان» ، أو كان لسانه لسان إلغاء الشكّ ، وجعل الطريقية ، كما لو قال المعصوم : «لا ينبغي التشكيك فيما يروي عنا ثقاتنا» ، أو لسان جعل التنجيز ، أو أيّ لسان آخر ، فهذه كلّها تغني في مقام التعبير وليس لأحدها دخل في روح المطلب ، بل روحه الّذي به يتنجز الواقع إنّما هو ؛ بمقدار ما أبرزه هذا الخطاب من تلك المرتبة ، وما أوجده من علم وجداني بالاهتمام.
أمّا سنخ المجعول فلا دخل له ، فإن كشفت تلك المرتبة من الاهتمام بالإمارة ، فهذا المكشوف منجز ، وإلّا ، فالإشكال وارد على كلّ