جعل الطريقيّة ، وكونه علما لا يغير من واقع قاعدة قبح العقاب بلا بيان شيئا ، ولهذا قلنا : إنّه لا بدّ من اكتشاف نكتة ثبوتية في باب الإمارات والأصول تدفع على أساسها المشكلة.
وقد عرفت انّ هذه الكاشفية من باب الأدلة اللفظية للحجيّة ، فهي كاشفية إنّيّة عرفيّة تصديقيّة ، وليست كاشفية إنّية عقليّة ، من باب كشف المعلول عن علّته ، بل كشف عرفي تصديقي.
وكذلك يقال في الأدلة اللبيّة للحجيّة ، فإنّ روحها عبارة أخرى عن عدم رضى المولى بتفويت أغراضه المشكوكة الّتي على طبقها خبر الثقة ، حيث أنّنا إذا قطعنا بالإمضاء كان معناه القطع بأنّ الشارع كالمولى العقلائي يهتم بأغراضه الواقعية ولا يرضى بتفويتها من الشاكّ مع وجود خبر ثقة عليها.
والحاصل هو أنّه : على ضوء ذلك ، يتضح جوهر الموقف من دفع الشبهة ، إذ بمقدار ما يبرزه الخطاب الظاهري من تلك المرتبة من الاهتمام ، يوجد علما بالقضية الشرطية ، وحينئذ ، هو ينجز الواقع المشكوك لأنّه يخرج المورد عن موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان مهما كان لسانه الإنشائي ، سواء كان لسان الأمر ، أو لسان تنزيل شيء آخر بمنزلة الواقع ، أو كان لسانه ، لسان إلغاء الشكّ وجعل الطريقيّة ، كما لو قال : «لا ينبغي التشكيك فيما يروي عنا ثقاتنا» ، أو لسان جعل التنجيز ، أو أيّ لسان آخر ، فهذه كلّها تفنّنات في مقام التعبير لا دخل لها في روح المطلب ، وإنّما روحه الّذي به يتنجز الواقع إنّما هو بمقدار ما أبرزه هذا الخطاب من مراتب الاهتمام وما أوجده من علم وجداني بالاهتمام.
والحاصل : هو أنّ الخطاب الظاهري ، إنّما يكون موجبا للعلم بالقضية الشرطية عن طريق دلالة عرفية تصديقية ، لا إنّيّة عقليّة ، وذلك بدعوى أنّ المستظهر من أدلة الأحكام الظاهرية اللفظية ، إنّما هو بمقدار