المجعول هو المنجزية والمعذرية ، وليس مفادها إنشاء أحكام تكليفيّة ، فمثلا ، مرجع جعل الحجيّة للخبر الواحد هو جعله منجزا.
وقد اعترض عليه الميرزا النائيني «قده» (١) بأنّه لا يعقل أن يكون مفاد دليل الحجيّة هو جعل المنجزية للخبر الواحد ، لأنّه ، إن أريد بالمنجزيّة واقع المنجزيّة الّذي هو عبارة عن حكم العقل باستحقاق العقاب ، فهذا حكم عقلي لا يعقل جعله من قبل الشارع ، وإن أريد عنوان المنجزيّة ومفهومها ، بمعنى أنّ المولى ينشئ هذا المفهوم وهذا العنوان ، فهذا الإنشاء أمر تحت القدرة لكل منشئ ، لكن هذا لا يعقل أن يكون مستتبعا للمنجزية حقيقة ، لأنّ ذلك على خلاف قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، لأنّ مجرد إنشاء المنجزيّة عنوانا لخبر الثقة ، لا يبدّل اللّابيان بالبيان ، واللّاعلم بالعلم.
إذن ، فموضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ثابت ، فلا يكون لجعل المنجزية أثره وقدرته على تنجيز الواقع المشكوك حقيقة ، لأنّ هذا على خلاف قاعدة القبح.
وممّا ذكرناه ، يتضح لك ، انّ اعتراض الميرزا «قده» غير تام ، بل هو جري على التعامل مع قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، كدليل من قبيل الأدلة اللفظية ، بحيث لا يمكن رفع اليد عنها إلّا بتبديل موضوعها من اللّابيان إلى البيان ، وعنوان البيان مساوق للعلم ، ولا علم بمجرد إنشاء المنجزية.
وقد عرفت انّ هذا التصور يقام على أساس غير تام ، وذلك انّنا أوضحنا فيما تقدّم ، أنّ تنجيز الإمارة للواقع المشكوك بلحاظ جعل الحجيّة لها ، إنّما هو عبارة عن قيام الإمارة مقام القطع الطريقي ، وروح
__________________
(١) فوائد الأصول : الميرزا ، ج ٢ ، ص ٣٢ ـ ٣٣ ـ ٣٤ ـ ٣٦ ـ ٣٧ ـ ٣٨.
أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٧٥ ، ٧٦.