وقد أورد ذلك على السيّد الخوئي «قده» فأجاب : بأنّ هذا لا يؤثر في حل المشكلة (١) ، وذلك لأنّه يؤخذ العلم بجعل الحكم في موضوع الحكم المجعول ، فيؤخذ العلم بجعل على زيد في موضوع الوجوب على زيد ، فيعود الدور ، لأنّ الجعل لا يكون جعلا للوجوب على زيد إلّا إذا كان قد تحقّق موضوعه في حقّ زيد ، فجعل وجوب الحج على المستطيع لا يكون جعلا عليّ إلّا إذا كنت مستطيعا ، فالعلم الّذي يؤخذ في موضوع المجعول إذا أضيف إلى الجعل بما هو شامل لهذا المكلّف ، إذن ، شموله فرع تحقّق موضوعه ، فيلزم الدور ، بل ان أخذ بما هو جعل لآخر فهو خارج عن محل الكلام ، ويكون من باب أخذ العلم بحكم مكلف في موضوع حكم مكلف آخر ، من قبيل : ما إذا قطع بأنّ المرأة إذا وجب عليها الإخفات ، وجب عليه الجهر ، فهذا لا بأس به ، لكنّه خارج عن محل الكلام.
وجوابه : هو أنّنا نختار حلا وسطا ، فلا نقول بأنّ العلم بالجعل الشامل فعلا لهذا المكلّف ، مأخوذ في موضوع حكم ، ليلزم الدور ، ولا نقول انّ العلم بجعل مضاف إلى مكلف مأخوذ في موضوع مكلف آخر ، بل العلم بجعل يكون في نفسه شاملا لهذا الإنسان ، ولا تكون فعليّة الشمول منوطة إلّا بنفس هذا العلم.
وهذا يحل المشكلة ، لأنّ العلم هنا علم بجعل مضاف لهذا المكلّف ، لكنّه مضاف إليه على تقدير حصول العلم ، أي مضاف إليه لو حصل العلم ، فنقول : إنّ العلم بثبوت جعل لا يكون موقوفا بشموله لهذا المكلّف إلّا على مجرد العلم به.
وهذا الافتراض معقول ، ويحقّق كلا الأثرين الملحوظين
__________________
(١) الدراسات : ج ٣ ، ص ٤٠.