والصحيح هو انّ هذه الحيثيّة الّتي تقتضي السريان لم يؤخذ فيها قابلية أصلا في الإطلاق كما عرفت ذلك في بحث المطلق والمقيد ، ولهذا قلنا هناك : بأنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد هو تقابل السلب والإيجاب لا العدم والملكة ، ومعه : فحيثيّة سريان الحكم إلى تمام أفراد الطبيعة متقومة بمجرد عدم التقييد ، فتكون العلاقة بين الإطلاق والتقييد علاقة التناقض ، لا العدم والملكة مهما كان مصطلح العدم والملكة فيما ذكره السيّد الخوئي «قده».
٢ ـ الاعتراض الثاني : للسيّد الخوئي «قده» (١) على الجعل الأول في كلام الميرزا «قده» هو أنّ الإهمال في الجعل الأول غير معقول ، وذلك لأنّ الإهمال إنّما يعقل في مقام إبراز شيء وإظهاره ، فقد يكون المبرز مهملا وغير متصدي لبيان تمام الخصوصيات ، لكن في مقام عالم الثبوت لذلك الشيء لا يعقل الإهمال ، لأنّ مقام الثبوت لا بدّ وأن يفرض فيه التعيّن ، لأنّ كل شيء في متن وجوده ووعاء ثبوته لا بدّ وأن يكون متعينا متحددا ، فمثلا حينما نتحدث عن زيد قد نهمل بعض خصوصياته ، لكن زيدا في متن الواقع غير مهمل ، بل لا بدّ أن يكون متحددا من حيث الجهل والعلم وغيره ، إذن فالإهمال شأن مقام الإثبات ، وأمّا مقام الثبوت لا بدّ فيه من فرض التعين والتحدد ، وعليه : فالحكم والجعل الأول في مقام ثبوته ومتن وجوده لا بدّ أن يكون تمام أطرافه متعينة من المكلّف والموضوع والمحمول ، ولا يمكن أن يكون الجعل الأول مهملا ، وكأنّه أثبت أولا عدم إمكان الإهمال في مقام الثبوت ، ثمّ استنتج من ذلك عدم إمكان الإهمال في الحكم والجعل الأول.
والصحيح انّ هذا الاعتراض غير تام ، فإنّه عندنا في المقام مطلبان.
__________________
(١) المصدر السابق.