يحكم إذا وصل التكليف بوجوب الموافقة العملية ، وهذا هو التنجز العملي ، ويحكم بوجوب الموافقة الالتزامية ، وهذا هو التنجز الالتزامي ، وهذان حكمان عقليان ، وتنجزان عقليان عرضيان ، وكلاهما فرع وصول الحكم الشرعي ، فإذا لم يصل ، فكلاهما غير منجز.
وفرق هذا الاحتمال عن الأول ، هو أنّ التنجز الالتزامي هنا ليس في طول التنجز العملي ولذا يعقل الانفكاك بينهما ، بأن يكون حكم من ناحية التنجز العملي غير منجز ، لكن من ناحية الالتزام منجز ، لعدم الطولية بينهما ، وبناء عليه : قد يتنجز الحكم التزاما ولا يتنجز عملا.
وحينئذ يقال : إذن ، ما هو المقدار الواصل من التكليف هنا؟ فيقال : إنّ المقدار الواصل في موارد العلم الإجمالي هو الجامع بين الوجوب والحرمة وهو الإلزام ، إذ من الواضح انّ إباحة كل منهما بالخصوص غير واصلة في موارد دوران الأمر بين المحذورين ، بل الواصل هو جنس الالتزام ، وهناك ، الواصل جامع الإباحة ، وحينئذ ، وحيث أنّنا قلنا إنّ وجوب الموافقة الالتزامية فرع الوصول ، إذن فتجب الموافقة الالتزامية بمقدار ما وصل ، وما وصل هو الجامع ، إذن يجب الالتزام بالجامع ، وهذا لا ينافي جريان الأصول في كلا الطرفين ، إذن ، فتجري أصالة البراءة في هذا الطرف وفي ذاك الطرف ، لكن يلتزم بالجامع ، ولا يؤدّي جريانها في كليهما إلى الترخيص في الموافقة الالتزامية القطعية ، كما يؤدّي إلى الترخيص في المخالفة العملية القطعية ونكتة الفرق هي أنّه في باب المخالفة العملية القطعية نقول : إنّ التكليف المنجز هو الجامع ، لكن لا تجري الأصول في أطراف المعلوم بالإجمال ، لأنّ جريانها في تمامها يؤدّي إلى الترخيص في ترك الجامع رأسا ، لأنّه موجود في أحدهما ، ومع الترخيص في كليهما يلزم منه ترخيص بترك الجامع ، إذن جريانها يوجب الترخيص في المخالفة العملية