٤ ـ الوجه الرابع : لو تعذرت كل هذه الوجوه ، أو أنّه لم يلتفت إلى إمكان نكاتها وأنّه لا يعقل أخذ العلم بالجعل ، ولا العلم بالمجعول لا شرطا ولا مانعا في الجعل الأول ، فحينئذ ، يصور هذا القيد بنتيجة التقييد على مسلك الميرزا «قده» بأن يقال : بأنّ الحكم يقيد بنفس ما قيّد به في الوجوه السابقة ، لكن على نحو نتيجة التقييد ـ أي بجعلين لا جعل واحد ـ.
وقد قلنا سابقا إنّ هذا غير معقول ، وإن بنى عليه الميرزا «قده» (١).
٥ ـ الوجه الخامس : هو أن يؤخذ العلم الناشئ من الدليل الشرعي قيدا في متعلق الوجوب وليس في موضوع الوجوب ، أي في المأمور به لا في نفس الأمر ، بخلاف الوجوه السابقة المفترضة لأخذه قيدا في موضوع الوجوب ، بحيث لا وجوب بلا علم ، وذلك انّ الأمر بالعام أو بالصّلاة مثلا ، متعلق بالفعل المأتي به بقصد القربة ، وقصد امتثال الأمر في المقام موقوف على أن يكون هناك أمر قد وصل إلى المكلّف ليقصد امتثاله ، وحينئذ ، المولى ، يخصص نفس قصد الامتثال الّذي هو داخل تحت الأمر ومتعلقا له بحصة خاصة ، وهي قصد امتثال الأمر الّذي وصل إلى المكلّف بالدليل الشرعي ، فيقصد القربة الّذي هو متعلق الأمر ، فيؤخذ منه حصة خاصة ، وهو قصد التقرّب بلحاظ أمر واصل بالدليل الشرعي.
وهذا الوجه ذكره المحقّق العراقي «قده».
وميزة هذا الوجه عن الوجوه السابقة هي ، انّ الوجوب فيه فعلي على كلّ حال حتّى في حقّ من قطع بالحكم عن طريق الدليل العقلي ، غاية الأمر أنّ الصّيام أو الفعل لا يصحّ منه لعدم تحقّق حقّ الامتثال منه ما دام قد وصله الحكم بدليل عقلي لا شرعي.
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٤٠.