عدمه قيدا ـ فيؤخذ عدم العلم العقلي بالجعل ، في موضوع المجعول ، وحينئذ ، سوف يكون القصور في الدليل العقلي ناشئا من ضيق في عالم الجعل ، لا من كاشفيته ومنجزيته.
وهذا الوجه يتميّز عن الوجه الأول ، أنّه يتلاءم مع ثبوت التكليف للشاكّ ، لأنّه أخذ في موضوعه عدم العلم العقلي بالجعل قيدا في المجعول ، ولذا لو لم يعلم أصلا كان الحكم ثابتا عليه ، ولكن لا بدّ من تقييد هذا القيد ، فيقال : إنّ القيد ليس هو عدم العلم العقلي مطلقا ، وإلّا لزم في حال قيام دليل عقلي ودليل سمعي معا على حكم عند المكلّف ، لزم أن لا يثبت الحكم عليه ، لأنّه يصدق على مثل هذا الشخص حينئذ ، انّه قام عنده دليل عقلي ، مع أنّه لا يلتزم أحد بعدم ثبوت الحكم في مثل هذا المورد ، إذن ، فلا بدّ من تقييد هذا القيد فيقال : إنّ الشارع أخذ في موضوع الحكم عدم العلم العقلي وحده ، وهذا يناسب صورتي قيام الدليل الشرعي وحده ، أو منضما إلى الدليل العقلي ، إذ في صورة قيام الدليلان معا يصدق أنّه لم يقم الدليل العقلي وحده ، ومعه يكون الشرط متحققا لأنّ الشرط هو عدم قيام وتفرّد الدليل العقلي وحده ، وهذا الشرط محفوظ في هذه الصورة.
٣ ـ الوجه الثالث : هو أن يؤخذ عدم العلم العقلي بالمجعول في موضوع الحكم المجعول بناء على ما أوضحناه في التنبيه السابق ، من أنّ العلم بالمجعول لا يعقل أخذه شرطا في المجعول ، لكن يعقل أخذه مانعا خلافا لمدرسة النائيني «قده» الّتي ساقت المطلبين سياقا واحدا دون أن تبرز نكتة فرق بين أخذ العلم بالمجعول شرطا ، وبين أخذه مانعا.
ونحن قد ذكرنا أنّه إذا أخذ شرطا يلزم منه محذور ما يشبه الدور ، بخلاف ما لو أخذ مانعا فإنّه لا يلزم منه محذور.