مردّدا بينهما ، فينصّف بينهما نصفين ، لكلّ نصف جمعا بين الحقّين ، فيكون لصاحب الدرهمين ، درهما ونصف ، ولصاحب الدرهم نصف ، وذلك عملا براوية السكوني (١).
٢ ـ القول الثاني : وهو ما استقرّ به الشهيد الثاني في المسالك ونسب الميل إليه إلى الشهيد الأول في الدروس ، وقيل انّه أحد أقوال العلّامة.
والحاصل : انّ الدرهمين الباقيين تقسمان أثلاثا ، فيعطى ثلثاهما لصاحب الدرهمين ، ويعطى ثلثهما لصاحب الدرهم.
وهذا القول ، مبني على استضعاف رواية السكوني ، وتحكيم القاعدة ، واعتقاد انّ الاختلاط بين الدراهم يوجب الشركة قبل الضياع ، وحينئذ ، إذا تلف درهم ، توزع الخسارة بالنسبة ، تطبيقا لقواعد الشركة.
والجواب هو أنّه إذا كان نقض الإخباري بلحاظ القول الأول ، فهو مبني على انّ رواية السكوني ـ الّتي هي الأصل ـ إنّما هي بصدد بيان أحكام ظاهرية ، وحينئذ ، نلتزم بتلك الأحكام ما لم يلزم منها مخالفة علم إجمالي منجز أو علم تفصيلي كما عرفت ، وأمّا إذا كانت هذه الرّواية بصدد بيان تعين الصلح بينهما واقعا كما احتمل الفقهاء ذلك ـ ولذا أدخلوا هذه المسألة في باب الصلح ـ فإنّه حينئذ لا وجه لنقض الأخباريّين ، لأنّ كلا من المودعين يملك ما أعطي له واقعا.
وأمّا إذا كان نقض الإخباري بلحاظ القول الثاني ، فدفعه واضح ، لأنّه بناء على حصول الشركة الواقعية ، إذن يحدث انقلاب واقعي في الملكية ، ومعه لا موضوع للنقض ، فكل منهما يملك ما أعطي له.
وإلى هنا نكتفي بهذا القدر من الفروع الّتي نقض بها الأخباري على الأصولي ، ظانا أنّها فروع ردع بها عن العمل بالعلم.
__________________
(١) الرّسائل : الأنصاري ، ص ١٧.