سابقا ، نرى أنّ الحقّ في المقام مع الميرزا «قده» في نقضه ، وذلك لأنّنا أوضحنا سابقا أنّ كل القواعد الظاهرية مهما اختلفت ألسنتها فهي ترجع في الحقيقة إلى إيقاع التزاحم في مقام الحفظ التشريعي بين الأغراض الترخيصيّة والأغراض اللزومية ثمّ تقديم الترخيصيّة على اللزومية ، فإنّ المولى كما يجعل «البراءة» حينما تتزاحم أغراضه الإلزامية مع أغراضه الترخيصيّة في مقام الحفظ ـ أي في مقام التزاحم بين الحرمة الواقعية ، والإباحة الواقعية ـ تقديما لجانب الإباحة الواقعية على الحرمة الواقعية ، كذلك الحال في قاعدة الفراغ والتجاوز عند الشكّ في صحة الصّلاة حيث يقع التزاحم بين حفظ غرضه اللزومي الصّلاتي الموجب لإعادة الصّلاة بين حفظ غرضه الترخيصي الموجب لعدم إعادة الصّلاة لاحتمال كون صلاته صحيحة ، فيقدّم هنا غرضه الترخيصي بجعل قاعدة الفراغ.
والتعبير عن هذا التقديم يختلف ، فهو تارة يقول : أرخّصك بترك الاحتياط» ، وأخرى بلسان ، «رفع ما لا يعلمون» ، وهو لسان البراءة ، وثالثة يكون بلسان التعبّد بالامتثال كأن يقول : «بلى قد ركعت» ، أو «أفترضك راكعا» ، إذا كان الشكّ في الصحة من جهة الشكّ في الرّكوع ، وهذا هو لسان قاعدة الفراغ ، وكل هذه الألسنة تفننات إنشائية اعتبارية لروح واحدة وبأيّها كان التقديم نأخذ به لأنّ جميع هذه الألسنة ترجع إلى معنى واحد كما عرفت أنّه عبارة عن كون الغرض الترخيصي للمولى هنا أهم من الغرض الإلزامي وكذلك الحال بالنسبة لقاعدة الفراغ والتجاوز.
وحينئذ ، فلو فرضنا انّا سلّمنا أنّه في موارد العلم التفصيلي يكون الغرض الترخيصي أهم من الغرض اللزومي في مقام الحفظ عند تزاحمهما ، بحيث يستدعي من المولى إنشاء حكم ظاهري يفوت به الغرض اللزومي احتمالا ، ويحفظ به الترخيصي احتمالا أيضا ، فإذا كان