هذا معقولا ، فحينئذ ، أي فرق بين أن يكون التقديم بلسان ، «رفع ما لا يعلمون» ، «ولا يجب الاحتياط» ، كما هو لسان البراءة ، وبين أنّ بلسان «بلى قد ركعت» كما هو لسان قاعدة الفراغ ، فإنّ أحكام العقل في الموافقة القطعية والمخالفة القطعية مرجعها إلى تشخيص حقّ المولى في الطاعة ، وإنّما يكون هذا بعد معرفة أغراض المولى وانّه ما ذا يعمل في مقام التزاحم بين أغراضه ، فإذا قدّم الغرض الترخيصي احتمالا ، على الغرض اللزومي احتمالا ، فلا تجب الموافقة القطعية ، سواء أكان التقديم بأيّ لسان ، ومن أجل هذا فنحن نجري الأصل لو جاءت قاعدة الفراغ بلسان لا يجب الاحتياط ، فكذلك ينبغي أن نقبل بلسان بلى قد ركعت ، لعدم الاختلاف بينهما عقلائيا ، وبهذا يثبت انّ جواب العراقي «قده» عن نقض الميرزا «قده» بالتفريق بين أصالة البراءة ، وقاعدة الفراغ غير صحيح ، كما يثبت بحسب لب المطلب ، إنّ نقض الميرزا «قده» يكون واردا على العراقي «قده» أي على القول بالعليّة ، وأنّه إذا اكتفى بالموافقة الاحتمالية في موارد العلم التفصيلي ، ففي موارد العلم الإجمالي يكون الاكتفاء بها بطريق أولى.
ثمّ انّ المحقّق العراقي «قده» نقض على الميرزا «قده» لقوله بالاقتضاء بنقضين ، أحدهما ذكره في مقالاته (١) ، والآخر في تقريرات بحثه.
أمّا النقض الأول : فحاصله على نحو الإجمال هو أنّ الميرزا «قده» القائل باقتضاء العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية ، يدّعي فقدان المانع عن هذا الاقتضاء ، وذلك لأنّ المانع ـ على تقديره ـ هو جريان الأصول الّتي لا تؤدّي إلى الترخيص في المخالفة القطعية ،
__________________
(١) مقالات الأصول : العراقي ، ج ٢ ، ص ٣٢.