وحينئذ يترتب على ذلك ، أنّه دائما تجوز المخالفة الاحتمالية في جميع موارد العلم الإجمالي لأنّ هذا الاقتضاء دائما مقرون بالمانع ، وهو الترخيص الشرعي في المخالفة الاحتمالية ، وهذا الترخيص عبارة عن الأصول المجعولة في دليل أصالة البراءة ونحوها ، فإنّ أصالة البراءة وأمثالها من الأصول المرخّصة والمؤمّنة وهي ممّا يدّعي الميرزا «قده» عدم جريانها لا في بعض الأطراف ولا في جميعها ، أمّا إنّها لا تجري في بعضها ، فلأنّه ترجيح بلا مرجح إن أريد بالبعض البعض المعين ، وإن أريد من البعض البعض غير المعين فهو لا وجود له في الخارج ، وأمّا إنّها لا تجري في كل الأطراف ، فلأنّ الجريان فيها كلها يؤدّي إلى المخالفة القطعية ، ومن هنا يبني الميرزا «قده» على تعارض الأصول وتساقطها في أطراف العلم الإجمالي ، وبهذا يتحقّق عنده المقتضي ، وعدم المانع لوجوب الموافقة القطعية ، أمّا المقتضي فهو العلم الإجمالي ، وأمّا عدم المانع فهو عدم جريان الأصول في بعض الأطراف دون البعض المعين ولا البعض المردّد ومعناه تساقط الأصول ، إذن فالمانع مفقود فتجب الموافقة القطعية.
ومن هنا نقض العراقي «قده» على القول بالاقتضاء ، بأنّ لازمه جواز المخالفة الاحتمالية دائما ، لأنّ مقتضى وجوب الموافقة القطعية مقترن بالمانع عن تأثيره دائما لأنّ أصالة البراءة تجري في بعض الأطراف.
وتوضيح ذلك هو أنّ دليل أصالة البراءة يقتضي في نفسه عموما إفراديا ، وإطلاقا أحواليا ، والأوّل يقتضي دخول كل طرف من أطراف العلم الإجمالي تحت دليل البراءة وهو رفع ما لا يعلمون ، لأنّ كل طرف يصدّق عليه أنّه ممّا لا يعلم ، والثّاني وهو الإطلاق الأحوالي ، فهو يقتضي إباحة كل طرف مطلقا ، سواء ارتكب الطرف الآخر أم لم يرتكب ، إذن ،