المولى وحق الطاعة ، اللهمّ إلّا أن يراد بذلك مجرد تنبيه المرتكزات الموجودة في الأذهان وإلفات الخصم إلى استحقاق المثوبة على موافقة القطع ، والعقوبة على مخالفته كما تقدّم ، فلا بأس بذلك حينئذ.
وتفصيل الكلام في ذلك ، هو أنّ مرجع المولويّة إلى حقّ الطاعة ، فإذا كان لشخص على آخر حقّ الطاعة بمرتبة من المراتب ، فيكون مولى له بمرتبة من المراتب ، وهذه المولويّة على ثلاثة أقسام :
١ ـ القسم الأول : المولويّة الذاتية الثابتة في لوح الواقع ، بقطع النظر عن جعل أيّ جاعل ، ويكون حالها حال الملازمة بين العلّة والمعلول ، فكما انّ هذه الملازمة أمر واقعي ثابت في لوح الواقع وإن لم يوجد أيّ معتبر ، كذلك هذه المولويّة الذاتية ، ومثل هذه المولوية مخصوصة بالله سبحانه وتعالى ، فبحكم مالكيّته للكون ومن وما فيه ، يكون له مثل هذه المولويّة الحقيقيّة.
وهذه المولويّة الحقيقيّة ، تفترض المولوية التشريعيّة على ضوء المولويّة التكوينيّة ، فكما أنّ إرادته نافذة في الكون ، كذلك إرادته التشريعيّة نافذة تكوينا ، بمعنى أنّ له حق الطاعة على كل من يريد منه تشريعا شيء من الأشياء.
وهذه المولويّة ثابتة حتّى بقطع النظر عن وجوب شكر المنعم ، الّذي خرّج علماء الكلام على أساسه وجوب معرفة الله تعالى ولزوم طاعته ، لأنّ مسألة شكره شيء ، ومسألة مولويّته الحقيقيّة شيء آخر.
كما انّ هذه المولويّة يستحيل أن تكون مجعولة من قبله سبحانه ، لأنّ معنى ذلك ، أنّه في المرتبة السابقة على جعله لهذه المولويّة لم يكن مولى ، ومعه لا يمكن نفوذ حكمه بمولوية نفسه ، فإنّ فاقد الشيء لا يعطيه.