موضوع حق الطاعة والمولى مركب من جزءين ، التكليف بوجوده الواقعي ، والإحراز ، إذن ، فهنا العبد لم يسلب من المولى حقّه في باب التجري ، لأنّ أحد جزئي الموضوع غير موجود.
ولكن رغم ذلك نقول ، بقبح التجرّي ، وذلك بدعوى أخرى ندّعيها ، وهي أنّ هذا العبد حينما أقدم على ارتكاب ما قطع بحرمته ، فإنّه كان يتخيل أنّه حق المولى ، وهو يقطع بالتالي بأنّه يسلب المولى حقّه في صورة ارتكابه ، بمعنى ، أنّه أقدم على ظلم المولى وسلبه حقّه باعتقاده ، وإن لم يظلمه واقعا ، وندّعي أنّه كما انّ الظلم قبيح ، فكذلك ارتكاب ما يقطع بأنّه ظلم ولو اشتباها ، فإنّه قبيح أيضا بحكم العقل ، كمن كان يتخيّل ويعتقد بفضل إنسان عليه وإنعامه ، ثمّ جحد نعمته ، فهذا قبيح ، إذ لا فرق بين من يقع في خطأ في أصل مولوية المولى ، وبين من يقع في خطأ تطبيق مولويته ، حيث انّ نفس الإقدام على فعل يقطع بأنّه ظلم للمولى قبيح وإن لم يكن في الواقع كذلك ، فمن قبل واعتقد انّ الظلم قبيح ، ينبغي أن يعتقد انّ الإقدام على ما يعتقد انّه ظلم قبيح أيضا.
وموارد التجري من هذا القبيل ، فإنّه وإن لم يكن قد سلب حق المولى ـ هذا بعد التنازل عن الكلام الأول ـ إلّا أنّ هذا المكلّف كان قد أقدم عليه ، فيكون إقدامه هذا بهذا الاعتبار قبيحا ، وبهذا يكون استحقاقه للعقاب من مولاه الحقيقي ـ مع أنّه لم يظلمه في الواقع ـ بملاك كون مقتضى مولوية المولى الحقيقي ان تعاقب المتجري الفاعل للقبيح بحسب اعتقاده ، وإن لم يكن فعله القبيح هذا ظلما لمولاه في الواقع.
ومع اتضاح بطلان التصور الأول في دائرة حق الطاعة ، واتضاح أنّه بناء على التصور الثاني لا إشكال في قبح الفعل المتجرّى به كما هو الصحيح ، ننقل الكلام إلى التصور الثالث.