...............
__________________
ـ للمسلمين وعليكم ما عليهم : فأبوا.
فقال : إني أنابذكم. فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ولكنّا نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردّنا عن ديننا على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة ألف في صفر وألف في رجب.
فصالحهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلمعلى ذلك وقال : والذي نفسي بيده ان العذاب قد تدلى على اهل نجران ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم الوادي عليهم نارا ولاستأصل الله تعالى نجران وأهله حتى الطير على الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا.
وقريبا منه ذكره الشبلنجي في كتاب نور الأبصار ، ص ١٠٠ ، والفخر الرازي في التفسير الكبير والزمخشري في تفسير الكشّاف ، ثم قال الزمخشري :
فإن قلت : ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه وذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه فما معنى ضمّ الابناء والنساء؟
قلت : ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه حيث استجرأ على تعريض أعزته وأفلاذ كبده وأحبّ الناس إليه لذلك و [لذا] لم يقتصر على تعريض نفسه له ، و [ايضا هو اكد في الدلالة] على ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه [اللدود] مع أحبته وأعزته هلاك الاستئصال إن تمت المباهلة.
و [إنّما] خص الأبناء والنساء [لحضور المباهلة] لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتّى يقتل ، ومن ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الضعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب ويسمون الذادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق.
وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم وليؤذن بأنّهم مقدّمون على الانفس مفدون بها.
وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء ، وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلم لأنه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف انهم أجابوا [النبي] الى ذلك.