وهو أنّ ما ذكرناه من محاسن كتاب الطراز الأول ، وميزاته التي فاق بها سائر المعاجم اللغوية من حيث التقسيم والترتيب المنهجي ، ومن حيث غنائه في النقد والاستدراك ، ومن حيث التحقيقات الأنيقة الرشيقة التي تضجّ بين دفتيه ، كل هذا لا يمنعنا من القول بأن هذا الكتاب ككل كتاب غير كتاب الله لا يخلو من الخطأ والوهم ، وكما قال السيّد المصنف في خطبة كتابه :
|
وهيهات ، إنّ الكتاب الذي لا ريب فيه إنّما هو كتاب الله الذي لا يضلّ مقتفيه ، وما سواه فهو مظنة للاختلاف. |
فأما في مجال نقده للفيروزآبادي والجوهري وغيرهما.
* ففي مادة « حفسأ » وهّم السيّد المصنف الجوهريّ لأنّه ذكر « الحفيسأ » في « حفس » ، فتابع الفيروزآباديّ في قوله : ووهم أبو نصر في إيراده في « ح ف س ».
وإذا غضضنا النظر عن أصل التوهيم (١) ، فإنّا نقول : إنّ السيّد المصنف فاته أن يشير إلى غفلة الفيروزآباديّ ، حيث أعاد ذكر « الحفيسأ » في « حفس » دون تنبيه عليه ، وقد تعجب من صنيع الفيروزآباديّ هذا ابن الطيب الفاسي في إضاءة الراموس (٢) ، والزبيدي في تاج العروس (٣).
* وفي مادة « رقأ » ، قال : الرقوء ، كرسول : ما يوضع على الدم ليرقأ ، ومنه قول قيس بن عاصم لولده : « لا تسبوا الإبل ، فإن فيها رقوء الدم ومهر الكريمة » أي بها يحقن الدم لأنّها تدفع في الديات ، فكيفّ صاحب الثار عن طلبه ، فيحقن دم القاتل.
__________________
(١) لأنّ أبا حيان والفارابي وغيرهما صرّحوا بزيادة الياء ، في « حفس » ليس بخطأ قطعي.
(٢) انظر إضاءة الراموس ٣ : ١٣٧.
(٣) انظر تاج العروس المادة.