المجاز
إنّ من غاية الصعوبة ، ومنتهى التعقيد ، معرفة ما هو حقيقي وما هو مجازي من لغة العرب واستعمالاتها ، وقد كان اللغويّون يدوّنون ما يسمعونه من كلمات واستعمالات حريصين على جمع أكبر ما يستطيعون منها ، دون أن يسجلوا وجه ذلك المنقول المستعمل ؛ أهو حقيقي أم مجازيّ؟ لأنّ غرضهم الأول كما عرفت هو التثبت من صحة الصدور عن العرب وعدم صحته ، دون عناية بوجهه وكيفيته. حتّى أنّ جميع معاجم العربية لم تذكر المجاز في موادّها ، أي انها حينما تنقل لغة أو استعمالا ما عن العرب ، لا تشير إلى كونه حقيقيّا أو مجازيّا ، بل إنّ الزمخشري المتوفى سنة ٥٣٨ ه ـ والذي يعدّ أوّل من فصل بين الحقيقة والمجاز ـ رماه بعضهم بأنّه لم يشخص الحقيقة عن المجاز تماما لعدم استقرار المعنى الاصطلاحي للمجاز.
|
قال الاستاذ أمين الخولي في مقدمته على الاساس : لكن كاتب هذه الكلمات [ يعني نفسه ] لا يساير القوم كثيرا في التسليم بهذه الخصيصة [ أي افراده الحقيقه عن المجاز ] والاهتمام بتلك الميزة في اساس البلاغة ، لاسباب ، منها : ان المعنى الاصطلاحي المستقر للمجاز اللغوي لم يكن قد بلغ مداه عند ما كتب جار الله كتاب اساس البلاغة. |