اتضح ممّا سبق أن المعاجم اللغوية كتبت على نحوين :
تارة : على المعاني والمواضيع وأسماء الأشياء ، كما هو المشاهد في كتب الغريب المصنف ، والفروق ، والإبل ، والخيل ، والطير ، والأمطار ، وما شابه ذلك ، وما كتب في الزرع ، والكرم ، والبقول ، والنخل ، والأشجار ، والرياح ، والسحاب ، والأمطار ، وما شابه ذلك ، وقد استفاد اللغويون من هذه المصنفات في كتاباتهم ، وبذلك تكون هذه المصنفات وما شابهها ـ من كتابات بعض النحويين والصرفيين في الهمز (١) والتثنية والجمع (٢) واللامات (٣) ومعاني الحروف (٤) وغيرها ـ قد ساعدت أصحاب المعاجم في رسم ما يصبون إليه في بحوثهم.
وأخرى : كتبت على الألفاظ ، وهذه على انواع ، أمّا على أول الكلمة ، أو على آخرها ، أو على التقاليب أو ...
وعليه فالمناهج اللفظية : تارة اتّخذت التقاليب كأساس في عملها ، كالخليل في العين ، وابن دريد في الجمهرة ، والقالي في البارع ، والازهري في التهذيب ، والصاحب في المحيط.
وقد عنى ابن جني ، وابن فارس بالربط بين دلالات الصور واستنبطا معاني مشتركة عامة بينها ، وسمّي عملهما بالاشتقاق الكبير كما هو الملاحظ في الخصائص والمقاييس ، وهذا ما لم يفعله القدماء الأوائل من روّاد هذا المنهج الّذين
__________________
(١) ككتاب الهمز لقطرب ( ت ٢٠٦ ) وابن زيد ( ت ٢١٥ ).
(٢) ككتاب التثنية والجمع لابي عبدة ( ت ٢١٠ ).
(٣) ككتاب اللامات لابن فارس والزجاجي ( ت ٣٧٧ ) والنحاس.
(٤) ككتاب معاني الحروف أو معاني الحروف للرمانيّ ( ت ٣٨٤ ) أو الازهية في علم الحروف للهروي ( ت ٤١٥ ).