كانوا يذكرون صور التقاليب دون التعرّض للربط بين دلالات تلك الصور ، فكان عملهم أقرب إلى الجرد والإحصاء من الاستنباط ورعاية وجه الربط.
وتارة أخرى اتّخذت القافية أو الأبجدية كمنهج في الترتيب والعرض كما سبق بيانه.
وهناك من اقتصر على ذكر الصحيح من اللغة فقط ، كما هو المشاهد في الصحاح والمجمل والتهذيب. قال السيوطي عن المعاجم اللغويه :
( وغالب هذه الكتب لم يلتزم فيها مؤلفوها الصحيح ، بل جمعوا فيها ما صحّ وغيره ، وينبّهون على ما لم يثبت غالبا ، وأوّل من التزم الصحيح مقتصرا عليه الإمام أبو نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري ، ولهذا سمّى كتابه الصحاح ، فهو في كتب اللغة نظير صحيح البخاري في الحديث ، وليس المدار فيه في الاعتماد على كثرة الجمع بل على شرط الصحة ) (١).
وقد قال ابن فارس مثل هذا القول في مقدمة كتابه مجمل اللغة :
« ... قد ذكرنا الواضح من كلام العرب والصحيح منه دون الوحشي المستنكر ».
وقال في آخر كتابه : « واقتصرت على ما صحّ عندي سماعا ، ولو لا توخّي ما لم اشكك فيه من كلام العرب لوجدت مقالا ... » (٢).
وقد ادّعى الأزهري جمعه للصحيح كذلك ، فقال :
« ولم أودع كتابي هذا من كلام العرب إلاّ ما صح لي سماعا منهم ، أو رواية عن ثقة ، أو حكاية عن خطّ ذي معرفة ثاقبة اقترنت إليها معرفتي ، اللهمّ إلاّ حروفا وجدتها لابن دريد وابن المظفر في كتابيهما فبيّنت شكّي فيها و ... » (٣).
__________________
(١) المزهر ١ : ٧٩.
(٢) هذا ما حكاه الزبيدي عن ابن فارس ( انظر مقدمة التاج ١ : ٤٠ ).
(٣) تهذيب اللغة ١ : ٤٠.