وهناك من جدّ في الجمع بين الأصول المهمة غير هادف في عمله الاستنباط والاستدلال ، واقتصاره على الصحيح فعمل هؤلاء يشبه عمل بعض المحدثين من أهل السنة والجماعة الذين جمعوا بين الأصول الحديثية ، كابن الاثير الذي جمع بين الكتب الستة في كتابه جامع الأصول ولم يزد عليها شيئا ، ومثل ذلك كان صنع المتقي الهندي في كتابه كنز العمال.
أو أنّه يشبه عمل بعض محدثي الشيعة كالحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة الذي جمع فيه بين الكتب الروائية الاربعة عند الشيعة بشيء من الإضافة والترتيب.
وعليه ، فان عمل هؤلاء هو أقرب إلى الترتيب والمنهجية من الاستنباط وإعمال الفكر ، وإن كان في تبويب هؤلاء وعنونتهم للأبواب إشارة إلى ما يستنبطونه من الاخبار.
وعلى هذا كان عمل ابن منظور في لسان العرب ، إذ جمع بين خمسة كتب لغوية ، هي : الصحاح للجوهري ، وحاشية ابن بري ، والتهذيب للأزهري ، والمحكم لابن سيدة ، والجمهرة لابن دريد.
وكان عمل الخوري في ينابيع اللغة (١) ، أو البطليوسي في الجمع بين الصحاح والغريب المصنف (٢) ، والتنوخي في تهذيب التهذيب (٣) من هذا القبيل.
قال ابن منظور في مقدمة اللسان :
« وليس لي من هذا الكتاب فضيلة أمتّ بها ، ولا وسيلة أتمسّك بسببها ، سوى أنّي جمعت فيه ما تفرّق في تلك الكتب من العلوم ، وبسطت القول فيه ولم أشبع
__________________
(١) فالخوري في كتابه قد جرّد الصحاح من الشواهد وضمّ إليه تهذيب اللغة للأزهري والشامل لأبي منصور الجبان ، والمقاييس لابن فارس دون إشارة أو تعليق.
(٢) وهو كتاب ألّفة أبو اسحاق إبراهيم بن قاسم البطليموسى (٦٤٤).
(٣) وهو كتاب جمع فيه بين الصحاح والتهذيب والمحكم.