باليسير ، وطالب العلم منهوم ، فمن وقف على صواب أو زلل ، أو صحة أو خلل ، فعهدته على المصنف الأوّل ، وحمده وذمّه لأصله الذي عليه المعوّل ، لأنّني نقلت من كلّ أصل مضمونه ، ولم أبدل منه شيئا ، فيقال ( فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ) ، بل أدّيت الأمانة ، في نقل الأصول بالنص ، وما تصرّفت فيه بكلام غير ما فيها من النص ، فليعتدّ من ينقل عن كتابي هذا أنّه ينقل عن هذه الأصول الخمسة ، وليغن عن الاهتداء بنجومها فقد غابت لما أطلعت شمسه ... ) (١).
وهناك : معاجم اعتمدت بعض الكتب لكن لا بصورة بدائية ومنهج جمعي وإعدادي بسيط ، بل اجهد المؤلف فيها فكر واستخدم طرق الاستنباط ، واستدرك ونقد ، ومن هذا القبيل كتاب ( مقاييس اللغة ) ، لابن فارس ، وكتاب ( ضالة الأديب في الجمع بين الصحاح والتهذيب ) لابن المعالي الخوري ، صاحب كتاب ( ينابيع اللغة ) آنف الذكر ، أو ( التكملة والذيل والصلة ) للصغاني ، أو ( التنبيه والإيضاح عمّا وقع من الوهم في كتاب الصحاح ) لابن بري ، فهذه الكتب الثلاثة الاخيرة سعت في الاستدراك على الجوهري ونقده.
ولا يخفى عليك بأن كتاب القاموس كان السبّاق في هذا المضمار إذ جدّ الفيروزآبادي لجمع سقطات الجوهري والكشف عن عواره ، ومن هذه الكتب كذلك كتاب سيّدنا المترجم له « الطراز الأول » فإنه وإن كان بحّد ذاته كتابا لغويا نافعا قد عنى بالمنهج الاحصائي ، لكنّه أيضا نهج منهج الاستدراك على من سبقه ونقد مواطن النقد في أعمال من تقدّمه من أرباب المعاجم ، وهنا يتضح سعيه وجدّه للوقوف على سقطات اللغويين عموما ، والمجد الفيروزآبادي على نحو الخصوص ، وهذا ما سيأتيك بيانه بشيء من التوضيح والتفصيل عند بيان ما للمؤلّف من منهجية وميزات وخصوصيات.
__________________
(١) مقدمة لسان العرب ١ : ٨.