الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١١٠) وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١) فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (١١٣) وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥) فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩))
قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ) : الذين سبقت لهم في الأزل العبادة الكبرى ، وهي التوحيد والمعرفة على قواصير النور على رفارف الجنان تحت سرادق العرش.
(خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) : سماء الجنة وأرضها ، سماؤها العرش ، وأرضها الدر ومكة البيضاء من مسك أذفر.
(إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) : وقع المشيئة على العارفين والمحبين والمشتاقين ؛ فإنهم يجتازون على الجنان ، ويدخلون في أنوار حبال الرحمن أبد الابدين.
قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) ، قال الله تعالى : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (١).
وقال أيضا : في فاكهة أهل الجنة في أهل الجنة (لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ).
وقال ابن عطاء : إلّا ما شاء ربك من الزوائد لأهل الجنة من الثواب ، ومن الزوائد لأهل النار من العقاب.
__________________
(١) الإشارة : السعادة على قسمين : سعادة الظاهر ، وسعادة الباطن. والشقاوة كذلك. أما سعادة الظاهر ففي الدنيا بالراحة من التعب ، وفي الاخرة بالنجاة من العذاب ، وأما سعادة الباطن ففي الدنيا براحة القلب من كد الهموم والأحزان ، واليقين والاطمئنان في حضرة الشهود والعيان ، وفي الاخرة بدوام النظر في مقعد صدق عند مليك مقتدر. وشقاوة الظاهر باتصال الكد والتعب. البحر المديد (٣ / ٧٥).