صورة رسوم علم المقادير التي يتعلق بالمنافع والمضار فعلم الشيخ شأنه ؛ إنه مع حاله وسكره بوصال الحق لا يحتمل ما لا يتعلق بتلك الكشوفات ، ولا بأس به وإن لم يعلم ذلك العلم فإن السلطان لا يضر به إن لم يعلم علم التجارة.
قال جعفر : لن تصبر مع من هو دونك فكيف تصبر مع من هو فوقك؟
وقال بعضهم قال الخضر لموسى : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) ثم لم يصبر مع الخضر بقوله : (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) ليعلم أنه ليس لولي أن يتفرس في نبي.
قال بعضهم : آيسه من نفسه ؛ لئلا يشغل صحبته عن صحبة الحق ، ولما عزم أمر طلب الزيادة في موسى (قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً) تأدّب موسى واستثنى ؛ لأنه كان عالما بأن الصبر لا يكون إلا بالله.
قال فارس : موسى عليهالسلام استثنى على نفسه بقوله : (قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً) أو لم يستثن الخضر على موسى بقوله : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) قال : لأن علم موسى في ذلك الوقت علم تكليف واستدلال ، وعلم الخضر علم لدني من غيب إلى غيب ، وقال : موسى كان على مقام التأديب ، والخضر قائم مقام الكشف والمشاهدة لما جعل مؤدبا له ، ثم علم الخضر أن موسى صغر في عينه علم من كان على وجه الأرض ، ولا يلتفت من مقامه الذي هو الشهود مشهد رؤية الذات والصفات إلى ما يظهر من المقدرات في عالم الصورة التي يتعلق بمنافع الخلق من جلال شأنه عند الله ، وعظيم علمه بنعت الله وصفاته فأكد الأمر : (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) دفع سؤاله فإن الصادق يعلم الواقعة إذا كان متحققا ، وتبين له ما يريد بصدقه وإخلاصه ، ولا يحتاج إلى السؤال وحق المتابعة السكون عند تصرف الأستاذ.
قال الحصري : علم الخضر قصور علمه عن محل سؤال موسى ، وإنه لجأ إليه للتأديب لا للتعليم فقال له : (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ) لأن علمك أعلى وأتم ، وإنما ألجئت إلى التأديب لا للتعليم في خاص حال من الأحوال.
(فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً (٧٧) قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٧٨) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (٧٩))
قوله تعالى : (اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) سلكا طريق السؤال يتعلق