(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (١٨) هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٢٢))
وقوله تعالى : (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) من أهانه الله في الأزل بقهره لا يكون عزيزا لعمله ولا بعزة غيره عزيز إذ العز كله لله تعالى ، قال الله تعالى : (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) [النساء : ١٣٩].
وقال : من قدّر الله عليه الإهانة في السبق لا يقدر أحد على كرامته ؛ لأن لباس الحق لا يزول ولا يحول ، وهو على الدوام.
(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٢٣))
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ) يدخل العارفين الذين لهم صلاحية مشاهدته واستعداد قبول معرفته إلى جنان قربه ووصاله ، قيل : هم الذين صدقوا الله في السر ، واتبعوا سنة محمد صلىاللهعليهوسلم فلم يبتدعوا بحال.
(وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ (٢٤))
قوله تعالى : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) وصف من دخل جنات المشاهدة ، ورتعوا رياض المكاشفة عرفوا طيب الخطاب في مقام المداناة والمناجاة ، وكوشف لهم أنوار سبل الذات والصفات طيب الله ألسنتهم وقلوبهم بطيب ذكره وهداهم إلى سبل معرفته.
قال ابن عطاء : الطيب من القول هو ذكر الله.
وقال جعفر : هو الأمر بالمعروف.
وقيل : هو نصيحة المسلمين ، وقيل : هو قراءة القرآن.
قال الأستاذ : الطيب من القول ما صدر عن قلب خالص وسر صاف مما رضي به