علوم التوحيد الذي لا اعتراض عليه للأصول ، ويقال : الصراط الحميد : ما كان طريق الاتباع دون الابتداع.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٥))
قوله تعالى : (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) داره دار كرامته ومنزل أضياف المعرفة إذا كشف من بيته ما فيه من آياته الكبرى يصل بركتها إلى المقيم والمسافر وحضرته القديمة منازل المقيمين فيها بالأرواح من العارفين والمشاهدين والطيارين من حمائم أسرار الواصلين ، فالمقيم بقلبه هناك من أول عمره إلى آخر عمره والطارئ عليها لحظة من المكاشفين والمشاهدين ينكشف له ما ينكشف للمقيمين ؛ لأنه وهاب كريم يعطي للتائب من المعاصي ما يعطي المطيع المقيم في طاعته طول عمره.
قال محمد بن علي الترمذي : الفتوة أن يستوي عندك الطارئ والمقيم ، وكذا يكون بيوت الفتيان من ترك فيها ؛ فقد تحرم بأعظم حرمة وأجل ذريعة ، ألا ترى الله تعالى ذكره كيف وصف بيته (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ).
قال الأستاذ : بمشهد الكرام يستوي فيه الأقدام ؛ فمن وصل إلى تلك العقوة (١) فلا ترتيب ولا رد ، وبعد الوصول فلا زجر ولا صد (٢).
(وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧))
قوله تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً) هذا لخليله وجميع أحبائه بيّنه ودله إلى ما فيه من الايات والكرامات ، وما ألبسه من أنوار حضرته ليكون وسيلة لعبادته ومرآة لأنوار آياته ، وأمره ألا يطلب في طلبه شيئا من غيره في طاعته من الجنة وما فيها وجعل بيته مثالا لبيته الخاص الذي هو قلب العارف في هذا الظاهر الايات وفي بيت الباطن أنوار الصفات ومشاهدة الذات ؛ فأمره أن يطهر بيت الظاهر والباطن من خطرات
__________________
(١) أي : تلك الخيرية.
(٢) انظر : تفسير القشيري (٥ / ١٨٥).