(وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (٦٦) لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (٦٧) وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧٠) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٧١))
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) ، (أَحْياكُمْ) بمشاهدته ، (يُمِيتُكُمْ) يفنيكم في سطوات عظمته ، ثم (يُحْيِيكُمْ) بروح بقائه حتى تبقوا ببقاء مع بقائه أبدا.
قال الجنيد : أحياكم بمعرفته ، ثم يميتكم بأوقات الغفلة والفترة ، ثم يحييكم بالجذب بعد الفترة ، ثم يقطعكم عن الجملة فيوصلكم إليه ، حقيقة إن الإنسان لكفور يعد ما له ، وينسى ما عليه.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٢))
قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ) إن الله سبحانه بيّن أن شواهد الملك والملكوت كلها منتظر خطاب الأزل لتسمع بأسماع شائقة إلى معاني الصفات ، وأهل الأرواح القدسية منتظرون بسماع الغيب ليستمعوه بأسماع غيبية ويعقلوه بعقول ملكوتية ؛ فإذا خاطبهم الحق بلسان السفيرة ؛ تنجذب أسرارهم وأسرار جميع الخليقة إلى منازل وقوع الخطاب فيقع نوره الرحماني عليها ، فصارت موقع الخطاب منورة بنور الصفة ، وذلك النور يظهر بنعت الاستبشار في وجوه العارفين لنظّار الملكوت ، وينتشر نور الأكوان بجميع ذراتها من نور الخطاب.
وأهل الغباوة والجهل المبعدون من ساحة كبرياء الأزل بقوا في ظلمات الجهالة ، وغبار القهريات تحت غشاء الضلالة فأسماعهم محجوبة بعوارض الامتحان عن سماع القرآن ،